/ صفحه 82/
أنفسهم، وهم في معيارهم متجنبون الميزان الحق الذي لا معدل عنه عند الله، و القسطاس المستقيم، فما للنسب ولا النسب ولا الجاه عنده جل جلاله التكريم، انما المكرم عنده سبحانه وتعالى ذو المنزلة والزلفى التقى النقى قال عز من قائل: ((يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم)) وورد في السنة المطهرة التوجيه كثيراً الى تقديس التقوى فحسب، وأنها السبيل الاوحد الى التكريم، ومن هذا قوله صلى الله عليه وسلم:
((لا فضل لعربى على عجمى الا بالتقوى)).

ــــــــــ
1- البيتان في الكامل شرح الرغبة ج 2 ص 175.

ويطيب لى أن أردف الاية والحديث بقول الشاعر الملهم بالحق الذي ضاق ذرعاً بمقاييس الناس في دنياهم الزائلة لانه ربما حملهم مقياسهم على التبديل في الانساب تعلقاً بأذيال العصبيات ذات العدد والعدة، وعلى مر الزمان تختلط الانساب، وفي هذا الخطر الداهم، ذلك الشاعر: نهار بن توسعة اليشكرى في قوله:
أبى الاسلام لا أب لى سواه * * * اذا هتفوا ببكر أو تميم
دعىّ القوم ينصر مدّعيه * * * فيلحقه بذى النسب الصميم
وما كرم ولو شرفت جدود * * * ولكن التقى هو الكريم(1)
وأرانى قد استرسلت في هذا المقال تبعاً لما تدعوا اليه المناسبات وما خططت صحيفة كاملة في جوهر الموضوع الرئيسى للعنوان، حتى ألجأنى هذا الاسترسال الى الاستئناء به الى المقال التالى ان شاءالله.