/ صفحه 80/
وموطن القصد في الابيات عند البيت الثالث المبدوء بالاستدراك الجميل موقعه
ــــــــــ
1- الشطر الثانى من البيت الثانى من شواهد النحاة على نصب الواو بالسكون ضرورة، والابيات من قصيدة شرح بعضها في الكامل مع الرغبة ج 2 ص 176 و ما بعدها، وخزانة الادب الشاهد 632.

المبين أن الناس لايتزعمها وتدين له بالانقياد الا من يسدى اليها النفع فيذود عنها الضرر، ويجلب اليها الخير، فكيف به اذا جعلها عالية المنزلة نافذة السلطان على من حولها. وهكذا الناس لا تلقى مقاليدها الا لمن ترمقه بعين المهابة والتقدير.
ونظير ابن الطفيل في التعويل على الشخصية وحدها دون تلمس رافد آخر يقوى من شأن المرء عند الخلق - المعز لدين الله الفاطمى. وان كان ثمة الختلاف بينهما على ماترى، مما لا يؤثر في المشابهة بينهما وجعلهما المثل المضروب في التمسك بأهداب العصامية.
المعز لدين الله الفاطمى:
لما تم له فتح مصر ودخلها في حفل حاشد راجت الشواعى في مصر حول نسبه، وانتماء أسرته الى السيد فاطمة الزهراء، وتقدم اليه أحد علمائها بالسؤال عن نسبه وحسبة، وكان المتوقع أن يترتب اختلال كبير بعد هذا النصر الخطير، لكن المعز أجاب بما فيه مقنع، وكأنه ينظر الى المعنى الذي مجده ابن الطفيل، قال ابن خلكان: ((و كان - المعز لدين الله - يطعن في نسبه، فلما قرب من البلد وخرج الناس للقائه، اجتمع به جماعة من الاشراف فقال له من بينهم ابن طباطبا: الى من ينتسب مولانا؟ فقال له المعز: سنعقد مجلسنا ونجمعكم ونسرد عليكم نسبنا، فلما استقر المعز بالقصر جمع الناس في مجلس عام وجلس لهم، وقال: هل بقى من رؤسائكم أحد؟ فقالوا: لم يبق معتبر، فسل عند ذلك نصف سيفه وقال: هذا نسبى، ونثر عليهم ذهباً كثيراً و قال: هذا حسبى، فقالوا جميعاً: سمعنا وأطعنا)).(1)
وقد حاول ابن خلكان تحقيق القائل للخيفة وردّد النسبة بين من عرف عنهم الجرأة في هذه المواقف الخطيرة فلم يسعه الا أن يختم مقاله بالتفويض لمن عند العلم، وليس لهذا دخل في الموضوع، فسواء أكان السائل ابن طباطبا أم غيره، الواقعة في ذاتها صحيحة، وجواب المعز لا شلك فيه، والعبرة في هذا الجواب،