/ صفحه 79/
المقال بينهما مع ايعاد وتهديد من الطاغية، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وعلى صاحبه بقوله: ((اللهم اخسفهما بما شئت)) فأرسل الله صاعقة على أربد أحرقته، ورمى عامراً بغدة في بيت امرأة فقال: ((غدة كغدة البعير)) وموت في بيت سلولية)) ونزل في ذلك قوله تعالى: ((و يرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال)).
هذا العاتى الذي زين له الشيطان سوء عمله قد سوده قومه فسخر العرب من حوله. يأبى في مقام التباهي والتفاخر أن يبنى تسويد قومه له على أصله وأبيه و أمه، ويقصره على حوله وطوله فحسب يقول:
وانى وان كنت ابن فارس عامر * * * وسيدها المشهور في كل موكب
فما سودتنى عامر عن وراثة * * * أبى الله أن أسمو بأم ولا أب
ولكننى أحمى حماها وأتقى * * * أذاها وأرمى من رماها بمنكب
وأتركها تسمو الى كل غاية * * * وتغلب حيّى مشرق بعد مغرب(1)
مغزى أبيات العامرى:
يعلن في البيت الاول أنه نسل فارس الهيجاء، وسيد المواكب في الصدارة الجامع بين البطولة والرياسة، وفي الثانى أن تسويد قبيلته اياه ليس مستعاراً من وراثته السادة، فالله أبى له العوز الى السمو من أبيه وأمه، وانما وهبه السيادة من عزمه و بعد همه ونفوذ سلطانه، وفي الثالث أنه لم يك تسويد قومه له حباء وانما هو ناشىء لما يحطوهم به، يحمى حماهم ويتقى أذاهم ويرمى من رماهم بمنكب يدفع، وفي الرابع أنه صيّر قبيلته تسمو الى أوج العز وتعزّ حى المشرق وحى المغرب فتبسط سلطانها على الجميع.