/ صفحه 77/
أولئك آبائى فجئنى بمثلهم * * * اذا جمعتنا يا جرير المجامع(1)
فرد عليه المهدى من فوره وعلى البداهة:
يفاخرون بآباء لهم سلفوا * * * نعم الجدود ولكن بئس من خلفوا(2)
لقد بغت الهاشمىّ المهدىّ بهذا التعريض الذي لو وجه لغيره لاستشاره الى السباب، ولكن المهدى الحليم في ساعة الغضب اقتدر أن يلقمه الحجر وأن يرد عليه بما يدخل معه القبر، والعجيب في الرد أنه أصاب المحز وقطع المفصل حتى لايلتفت من فاته الحسب الى النسب بعد ذاك.
وقد أجاد في التشبيه من ندد بالمتهافتين على القديم دون حفاظ منهم على رعاية ماله من حقوق في المسايرة له اذ يقول:
ان القديم اذا ما ضاع آخره * * * كساعد فله الايام محطوم(3)
وفي هذا البيان السالف اجمال في القول عن الانواع الاربعة حسبما يقتظيه
ــــــــــ
1- البيت من قصيدة طويلة ناقض بها قصيدة لجرير على رويها، فبعد أن عدد مفاخر الاباء أشار اليهم معرفاً للمسند اليه باسم الاشارة للتعريض بغباوة السامع، وبه استدل الخطيب في الايضاح والتلخيص على تعريف المسند اليه باسم الاشارة، والقصيدة مشروح بعضها في خزانة الادب الشاهد 706، والكامل شرح الرغبة ج 1 ص 137 وما بعدها.
2- لا أدرى قائل البيت، أفمن انشاء المهدى أم انشاده.
3- من أبيات في هجاء بني تغلب راجع الكامل شرح الرغبة ج 2 ص 176.

الاختصار لنلحق به الموازنة بينها لتفاوتها في المنزلة والتقدير.
الموازنة بين الانواع الاربعة:
ان الانواع الاربعة متفاوتة الموازين متغايرة المقادير، ينظر المجتمع الى بعضهم شزرا، والى بعضهم مهابة مع خفض الطرف، ومرجع النظرتين الى ما يصدر من الاشخاص وعنهم من أعمال يدور وراءها تكييف المجتمع لمنازل الناس في درجاتهم المتنوعة، وما من شك أن المجتمع مأخوذ في تقديره بحاضر الاشخاص غير ذاكر قديمهم وغير متطلع الى ما سوف يكون.