/ صفحه 74/
ابن الرومى هذا الاعتبار الى التصريح بوجوب التعديل في الابوة والبنوة، فأنكر أبوة شيبان لابى الصقر وحسبهم فروعاً له وأبناء، حيث يقول:
قالوا أبو الصقر من شبيان قلت لهم * * *: كلا لعمرى ولكن منه شيبان
وكم أب قد علا بان ذراً شرف * * * كما علا برسول الله عدنان
ولما كان يظن في ابن الرومى الاشتطاط في هذا الرأى، والخروج به عن مألوف الناس، ومجابهة الوقع المحس الذي لا يجادل فيه - اضطر الى تلمس معتمد يتكىء عليه مما يقبله الناس، حتى يسلم له قوله، ويعترف له به.
فضرب المثل بعدنان اذ سما قدرها وتألق نجمها أن كان منها أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، وكان جد موفق في تأييد نظريته بما لا يستباح بعده الارتياب.
نعم لا نحاول جعل المواءمة بين البيتين تامة، فإن الثانى مع سوقه دليلا للاول صريح في استبقاء الابوة والبنوة كل فر مرتبته، وان أفاد بمنطوقه الواضح أن الاباء يتسنمون الذروة برفعة أقدار الابناء، وأن الابناء الامجاد أضفوا على الادباء أردية مجادتهم، لكنه على أن حال يسعفنا في الاعتماد عليه باعتبار النتيجة المعمود اليها.
ولهذا البيت الثانى شأنه في البلاغة، فانهم في مبحث التشبيه ذكروا أغراضه المرادة منه، وأن منها بيان امكان المشبه، فاستشهد بعضهم ببيت ابن الرومى، و بعضهم ببيت أبى الطيب المتنبى:
فإن تفق الانام وأنت منهم * * * فإن المسك بعض دم الغزال
ولكن جمهرة البيانيين رجحوا الاول على الثانى في تحقيق الاستشهاد.
المفاضلة بين بيتي ابن الرومى والمتنبى:
استشهد السكاكى في المفتاح ببيت ابن الرومى، والتشبيه فيه صريح لا تعقيب عليه، واستشهد الخطيب ببيت المتنبى، فقال السعد في شرح التلخيص معلقاً عليه: (و هذا التشبيه ضمنى ومكنى عنه)(1)