/ صفحه 73/
واذا أريد المثل الكامل الذي لايتمارى فيه اثنان، ولا ينتطح أمامه عنزان، فليس ثمة أحق وأوفي ممن فضله ربه على سائر خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، فقد جمع الله له الحسنيين: حسنى الاصل وحسنى الفرع، أو كرم المنبت ورواء الثمر، فأما الاصل فقال فيه الصادق المصدوق: ان الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفانى من بني هاشم. فأنا خيار من خيار من خيار - وأما الفرع فها هي ذى العترة الزكية من آل البيت رضى الله عنهم أجمعين، وانه ليطيب لى أن أتمثل بقول من يناديهم ويفخمهم:
يا آل بيت رسول الله حبكم * * * فرض من الله في القرآن أنزله
يكفيكم من عظيم القدر أنكم * * * من لم يصل عليكم لا صلاة له
النوع الثانى: خبيث الاصل والفرع، وهذا النوع أخسها فلنضرب عنه صفحاً.
النوع الثالث: طيب الفرع دون الاصل، ونسل هذا النوع حرى بالتبوء للمنزلة التي تلي منزلة نسل النوع الاول الاعلى، لانه وان لم يسنده ثبات الاصل وعظمة الجذم الا أنه تدارك ما فاته واستجلب ما لم يجد له أثراً بعد عين، فكفاه أنه حاول فأفلح وتناول بيده البعيد عنه، هذا هو العصامى الحقيق بالاحتفاء به، ومن الامثلة البارزة فيه: قتيبة بن مسلم الباهلى، فليس كثيراً عليه أن يعده الشاعر فيما سبق أبا لباهلة قبيلته التي نشأ منها، ولا عجب من اعتبار الفرع أباً للاصل، فالابوة في المكارم والمفاخر لا في الانساب والاشخاص.
ويقرب من هذاالاعتبار مع الاختلاف: ما قاله ابن الرومى في مدح أبى الصقر سيد بني شيبان، فإن شيبان منيعة الجانب مرهوبة المكانة، موفورة الكرامة، وباهلة مهيضة الجناح كسيرة الخاطر. وفرع شيبان أبو الصقر باسق، اختصه ابن الرومى باطرائه وانساق في حلية مديحه فعرض لهذا المعنى، وجعل أبا الصقر أصلا لشيبان مع قوة نفوذهم وشدة شكيمتهم آنئذ، بل تجاوز