/ صفحه 69/
لا يعرف قدر علومهم واجتهادهم الا من درس مؤلفاتهم، ولا يعترف بحريتهم الفكرية الا من شرب من معين علومهم.
وحسب القارىء الكريم أن يطلع على ما قد طبع من مؤلفاتهم ليعرف أن شمس الحرية الفكرية قد طلعت على اليمن في العصر العثمانى بعد أن غربت عن سائر الاقطار تاركة علماءها يتخبطون في ظلمة التقليد وديجور الجمود تحت كابوس
الاستعمار العثمانى الذي ظل جاثماً على الاقطار العربية حوالى ثلثمائة عام، وليعرف أيضاً أن علماء اليمن قد قاموا بدعوة الاصلاح في هذه العصور الراكدة قبل أن تخلق النهضة العلمية الحديثة التي أشرقت على العالم الإسلامي في بحر القرن الثالث عشر وكان من جملة أبطالها السيد جمال الدين الافغانى وغيره من المصلحين.
أنموذج من روح العلم اليمنى في بحر القرن الحادى عشر من الهجرة: أحب الان أن أقدم للقراء أنموذجاً لروح العلم اليمنى في وسط القران الحادى عشر، وذلك بعرض موجز لاصغر كتاب أخرجه العلامة الجلال، وهو: ((فيض الشعاع الكاشف للقناع عن أركان الابتداع، وهو الكتاب الوحيد الذي أخرجته المطابع من مولفات عالمنا الجلال، اذا ما استثنينا كتاب: ((العصمة عن الضلال)) الذي
سأقدمه للقراء في فرصة أخرى ان شاء الله ((و فيض الشعاع)) هو شرح صغير لقصيدة الجلال البائية الرائعة التي قال ناظمها في مطلعها:
الدين دين محمد وصحابه * * * يا هائماً بقياسه وكتابه
وهو بالرغم من كونه كتاباً صغيراً فهو يصلح أن يكون مثالا صغيراً من أمثلة أفكار علامنا الجلال التي دبجها قلمه السيال والتي هي أكبر مثال من أمثلة الحرية الفكرية في بلاد اليمن قبل ثلثمائة عام، وأحسن نموذج لروح العلم اليمنى في بحر القرن الحادى عشر، وذلك في أيام الامام المتوكل على الله اسماعيل بن القاسم، وهي أول فترة من عصور العلم الذهبية في بلاد اليمن في العصر العثمانى الراكد، وذلك حينما بدا السيد الجلال يخرج لليمنيين مؤلفاته القيّمة التي لا تزال في عالم