/ صفحه 70/
المخطوطات بالرغم من أنها المثل الاعلى في الجدل والتحقيق، ومثال صادق للحرية الفكرية والاجتهاد المطلق في بلاد اليمن، في عصر التقليد والجمود.
والقارىء لكتاب ((فيض الشعاع)) لايكاد يتصفح أول ورقة من هذا الكتيب حتى يرى مؤلفه قد وثب وثبة سريعة نحو الموضوع، فذكر الدليل على تحريم البدع التي وقعت في الدين الإسلامي، فكانت أكبر حائل بين المسلمين وبين الفهم لاصول الدين وأدلته الشرعية الصحيحة، وعقبه بذكر الادلة الدالة على تحريم التفرق في الدين الذي كان أكبر مانع للاستضاءة بنور القرآن، ثم يأسف كثيراً لتفرق المسلمين في الدين، ويعلن اجتهاده المطلق بقوله: ((لو وقف كل انسان على فهم نفسه فيما يتفاوت فيه الفهم لهان الامر، ولكن حاول الزامه الغير فحصل الجدال وتشيعت الشيع، ثم لو اكتفى المتتبعون للاحياء لانقطعت الفرقة بموت المتفرقين، وفنى من أقوال المتفرقين ماكان بدعة، ولكن حفظها الجاهلون بتقليد الاموات، وقطع نفيس الاوقات بكتب أقاويل الرفات، فحرموا بذلك مباشرة بصائرهم لانوار التنزيل، وخذلوا عن البلوغ الى شىء من حقائق التنزيل فاستبدلوا الادنى بالذى هو خير، وكان حظهم من سيول الحقائق هو الزبد الذي يذهب جفاء لا غير.
ولقد سحبت دوامس هذه البدع أذيالها على مسالك أصول الدين والفروع، وحالت دونها فرسان طعن يكشف عن سواعدها الدروع، لولا جرأتى على أسنة تلك البهم بقلب أصم وعضب حطم))، ثم يراه القارىء قد دخل في شرح القصيدة فأنكر الابتداع في الدين، كما أنكر ما كان ذريعة الى الابتداع في الدين فكان سبباً في هجر أدلة اللدين الحنيف، وذلك كالقياسات الفاسدة، والجدال بالباطل، وتأصيل
الحكم النظرى للغير، وتقليد الأموات، بقلم سيال وفكر وقاد وحرية فكرية لايعرفها ذلك العصر الجامد، وانظر الى آخر هذه القصيدة الرائعة، وقارن بينه وبين أقوال علماء ذلك العصر الراكد، انه يقول:
يا راكباً يهوى لقبر محمد * * * عرج به متمسحاً بترابه
واقرا السلام عليه من صب به * * * يبلغ اليه القدس في محرابه