/ صفحه 57/
أفليس له لقب فقد يكون هذا المتأخر لفظاورتبة أحرى أن يعرفه مما تقدمه اسماً وكنية أصليين في التعريف قولا لا فعلا؟
قال: فكنيته - كما شاءت أمه بمشيئة الله - تأبط شرا. ذلك بأنها سئلت عنه و كان قد خرج متأبطا سكينا: فقالت لا أدرى، انه تأبط شراً وخرج. هذه رواية، وفي أخرى أن أمه عاتبته اذ كان لا يأتيها بخير على خلاف لداته من الغلمان الذي كانوا يجنون الكمأة لامهاتهم قال لها: اعطنى وعاءً أملاه لك كمأة فأعطته كيساً، فخرج و ملأ كيسه أفاعى صادها. قالت أهذا كله كمأة؟ قال نعم، ففتحت الكيس فرحة فخرجت الافاعى تسعى في دارها. فصرخت وجلة فاجتمع عليها نساء الحى يسألنها ما خطبها فقصت عليهن قصص ابنها. قلن وكيف حمل كل هذه الافاعى؟ قالت لقد تأبطها. قلن لقد تأبط شراً. فكذلك نشأ لقب ثابت أبى زهير وغلب عليه حتى صار ((كما استنبطت بحق)) لا يعرف الا به. فكثيرون أولئك الذين يعرفون تأبط شرا، وقليل منهم الذين يعرفون ثابتاً أبا زهير، أو أبا زهير ثابتاً، فقد آن لنا فيما يبدو أن نرجع الى ابن مالك والاسم والكنية واللقب.
قلت: بل ثم أمور كثيرة تشغلنا عن ابن مالك، وعن النحو بعامة، وعن الاسم و الكنية واللقب بخاصة. فقد سقتم روايتين في منشأ تأبط شرا أيتهما الاصح؟ أو بعبارة أصح، أيتهما الصحيحة اذ ليس في المسألة من حيث المنطق صحيح وأصح، وانما هي صحة أو عدمها.
قال: قد تكون الصحيحة هذه الرواية أو تلك أو أخرى لم يعرفها شيخك ولا غيره. ألا فلتعلم ان لم تكن علمت أن شيخك يعوزه اليقين في أسباب نزول القرآن المبين، وأنت تعلم أن كتاب الله قد خدم خدمة ما كان الشعر ولا غيره من الاثر ليخدمها، ومع هذا لو سألتنى مثلا لماذا نزلت: ((ان الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شىء انما أمرهم الى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون)) فإن اجابتى لن تتعدى حدود الحكم أو السبب العام المتحقق أبداً في كل زمان