/ صفحه 54/
قلت: ولكنكم أثبتم بدل الغلط اذ كان حديثنا عن زملائكم الكبار الذين يتوقعون منتظرين.
قال: وما على اذا لم تفقه البقر. فأنا لم أشاء أن أرمى اخوانى بما لا يحبون، لم أشأ أن أخبرك بأنهم يغلطون فلم أجد لهم درعاً واقية خيراً من بدل الغلط فهم يغلطون علما لا جهلا. أو قل هم يغلطون وفقاً للقواعد. ولان تخطىء بناءاً على القاعدة خير من أن تصيب على خلافها.
قلت: توارد خواطر.. ولو كان المتلكم غير شخى لقلت سرقة من (موليير) الشاعر الفرنسى الذي أبدأ وأعاد في هذا المعنى على ألسنة أطبائه الذين كان يسخر منهم ومن طبهم.. فهذا مريض يقررون أنه مائت دون شك في أجل موقوت، الا أن الاجل يفوت، والرجل لا يموت، فكيف وقد قضت القواعد العلمية بأنه قد مات؟ نعم مات وان حياته لكاذبة فما دام العلم قد قضى بأن الرجل مقضى عليه فهو لا محالة مقضى عليه ولو شبه له ولغيره أو خيل اليهم أنه حى يرزق.. كلا وأنف الحقيقة في الرغام.. ذلك بأن العلم لا يكذب; فاذا ناقضه الواقع فهذا الواقع غير واقع. ويجوع مريض (موليير) فيغضب الطبيب العالم لان الاموات لايأكلون ولا يشربون فما بال هذا الميت يريد أن يأكل.. اسكت يا رجل فانك ميت هكذا قرر العلم ومن أنت حتى تريدنا على أن نكذب صدق العلم ونصدق كذبك.. لقد مت و انقضى على وفاتك زمن طويل..
قال: على رسلك فما ابتكر (موليير) ولا سرق شيخك وليس بمستغرب أن يكون للعلم منطق غير منطق الواقع أفلسنا في باب البدل أو ليس ثم شىء اسمه بدل الكل من البعض، ان بدل بعض من كل يتصوره العالم والجاهل على حد سواء فأما أن تبدل كلا من بعض فذلك شأن النحاة أو العلماء وحدهم.. أعرب:
رحم الله أعظما دفنوها * * * بسجستان طلحة الطلحات
فأنت تجدك تقول (طلحة) بدل من (أعظما) أو قوله تعالى: ((يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئاً جنات عدن)) فجنات وهي كل، بدل من جنة، وهي بعض.