/ صفحه 434/
وثالثها: أن تستخدم في استغلال أراضيها أو معادنها أو في عمليات التصنيع أحدث الوسائل الفنية وأن تربى جيلا من الفنيين حتى يكون استخدام مواردها على أكمل وجه، وأعتقد أننا قريبا سنصبح في هذه الناحية أيضا أغنياء، فهذا الموضوع يتعلق بنا وبمجهوداتنا، ولا يرتبط في شئ بأي عامل خارجي عن أرضنا أو مواردنا أو إرادتنا.
تلك هي العناصر الثلاثة التي تقوم عليها الأمم، وإني أضيف على ما ذكره الأستاذ الكبير أن أهم شروط النهوض بالأمم أن تتحرر بجميع الوسائل من التدخل الأجنبي عسكريا كان أو سياسيا أو اقتصادياً.
ولعلى قصدت من هذا العرض في وصفي للوطن العربي أنني نظرت إليه كبلد واحد، وعندما أذكر أننا أغنياء وهم الفقراء إنما قصدت أننا جميعاً وكمجموعة من بلاد مترابطة أغنياء، ولا يمكن اعتبار كل قطر بمفرده غنياً في ذاته، فمصر بمفردها ودون السودان، أو دون العراق غير مصر متحدة مع السودان ومع العراق وما يقال عن مصر يقال عن العراق وسوريا وأي بلد آخر.
على أنني أعتقد أننا حاليا في طريق استكمال كل عناصر التقدم، ولا ينقصنا إلا ان نتعاون ونتحد لا تعاونا في الخطب ولا اتحاداً على الورق وفي اللجان التي تعددت والمؤتمرات التي ملتها جمهرة الشعوب ولكن تعاوناً فعلياً واتحاداً واقعياً، وأن تقوم الأدلة المحسوسة على ذلك، وألا يكون أي طرف من هذا الوطن العربي الشاسع لقمة سائغة للغير، ولقد ذكرنا أن أول علامات تقدمنا هو أن نتخلص جميعا من هؤلاء الذين نكبونا في الماضي وتحكموا في مصائرنا من البلاد الأجنبية، ومن كل من يعاونهم اليوم من الأمم في هذا السبيل، لأنني أعتقد أنه لا يوجد بيننا في الداخل من يكره أن نكون وطناً عربياً قوياً موحداً ـ أما كيف ننهض بشئوننا كدولة عربية موحدة وجزء من العالم الإسلامي الأكبر، أما كيف نفيد من توزيع الفلاحين الكادحين في هذه السهول الواسعة مع كثرة في السكان في جهة وقلة في جهة أخرى وانعدام في كثير البقاع