/ صفحه 433/
عشر ألفاً، نجد أنها تنساب مع اتجاه المياه التي تتدقق دائماً من جنوب الوادي إلى شماله دون أن تستخدم قلاعها، فاذا استخدمت هذه القلاع انسابت في اتجاه الرياح من الشمال إلى الجنوب، هذا التنظيم من الطبيعة دائم لا يتبدل ولا يتغير، وهو يدل على أن العيش في هذا الوادي سهل غير عسير.
* * *
تلك هي البلاد العربية نراها بطبيعة أرضها أغنى مما كانت في ماضي الزمان، وأروع ما تكون في كل مكان، ومع ذلك فإن أكثر من نصفها واقع تحت حكم الأجنبي أو سيطرته الاقتصادية، وكلما تخلص قطر من حكم دولة أجنبية أو سيطرتها الاقتصادية، حاولت الدولة المتسلطة بقوتها وبمعونة غيرها من الدول الاستعمارية إرجاع هذا القطر أو غيره إلى دائرتها المرنة وحلقتها الاستعمارية بشتى الوسائل التي لا تخفى اليوم على أحد، ولهم في ذلك أساليب عديدة منها تلك الاتفاقات الثقافية وتلك البعوث التي يطلقون عليها المساعدات الفنية، ومنها الاتفاقات الاقتصادية والشيء الجديد الإشراف أو الهيمنة الدولية.
استمعت في شتاء هذا العام لمحاضرة قيمة للأستاذ أوسكار لانج البولندي مدير معهد التخطيط في بولاندا، ألقاها في قاعة جميعة الحشرات بالقاهرة، لخص فيها قوة الشعوب والأمم، فذكر أنها تستند على عناصر ثلاثة:
أولها: أن يكون لديها موارد طبيعية سواء في ناحية الأراضي الزراعية أو مساقط المياه أو البترول أو المعادن، ولا أشك أننا في هذه الناحية أغنى من أهل السين أو التاميز، فهم في هذا فقراء ونحن الإغنياء، وغنى عن البيان أن ازمة قناة السويس قد بينت بجلاء أن الثروة الطبيعية هي في الوقع ثروتنا وأنها تستغل في غير بلادنا.
وثانيها: أن يكون لها من السكان الوفرة للقيام بالأعمال المخلتفة، وأن توزع هذه السكان من ناحية العمل وإجادته أحسن توزيع، وأعتقد أنه إذا افتقرنا إلى حسن التوزيع فإننا لا تفتقر إلى السكان.