/ صفحه 430 /
العلوم، ليتأمل فيه رجال الإحصاء بل جميع الرجال والشباب إيا كانت العلوم والفنون والآداب التي درسوها في بلادهم أو اكتسبوها في الخارج، وليتأملوا الصورة التي نصفها من الذاكرة للبلاد العربية التي جبنا الكثير من أراضيها ليعرفوا إننا كوحدة على هذا الكوكب الدوار من أغنى الوحدات وأن بلادنا بخير وأرضنا غنية، وأن بلادنا من الخليج الفارسي إلى المحيط الأطلسي تتسع لأكثر من الذين يسكنونها من الأهل والإخوان، وإذا تخيل أحد أني مبالغ فيما أذكره، أو أني تحولت عن جادة الحق، فإني أرحب بمن يردني إلى جادة الصواب.
ففي الكويت والبحرين وفي كركوك بالعراق يوجد النفط، وهناك يتدفق البتول أنهاراً، وفي المملكة العربية السعودية التي نتمنى لأهلها كل خير لم تصبح بلاداً غير ذي زرع، ولم تصبح تلك البلاد الفقيرة التي تعتمد على من يزورونها سنويا من الحجاج هنوداً ومصريين وأندنوسيين وغيرهم، وبصرف النظر عما عند جارتنا العزيزة إيران من موارد الزيت فإن آبار الزيت في العراق والكويت والمملكة السعودية من الغنى بحيث إنها تغذي اليوم كل سيارة تجري في انجلترا وفرنسا وغرب أوروبا، بل تغذي أغلبية المصانع التي تدور هناك.
وفي العراق وبين النهرين الفرات ودجلة، تقع أخصب بلاد في العالم: ثلاثون مليونا من الأفدنة صالحة للزراعة، هي التبر بعينه لا ستة ملايين كالتي في مصر، والتي يمكن بمجهود شاق أن تزاد إلى ثمانيه، وقد تدهش أن من بين هذه الثلاثين مليونا من الأفدنة في العراق حوالي 15 مليونا فداناً يمكن ان تروى رياً صيفياً، أي رياً مستديماً بمعنى أنه من الممكن بالاعتماد على مياه النهرين أن تزرع مرتين أو ثلاثا في السنة كما هي الحال في غالبية الأراضي المصرية.
صحيح إن المساحة المزروعة من هذه الأراضي الفسيحة التي تصل في مجموعها إلى 30 مليونا لا تتجاوز المليونين من الأفدنة وقد تقل عن هذا القدر، ولكن كل مهندس يفهم في سهولة أن هذا الوضع لابد أن يتغير مع الزمن، وذلك بالقيام بالمشروعات الهندسية التي أعتقد إنها درست من قبل المسئولين العراقيين والتي