/ صفحه 43/
كيف يستعيد المسلمون
وحدتهم وتناصرهم
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمّد عرفه
عضو جماعة كبار العلماء
ـ 2 ـ
كتبنا في تفرق المسلمين واختلافهم شيعا ومذاهب، وكيف يعودون إلى أمرهم الأول من محبة واتحاد وتعاون، ووعدنا أن نتوسع في هذا الموضوع ونزيده جلاءً وبيانا، وها نحن أولاء نفي بما وعدنا فنذكر أسباب الفرقة والاختلاف، لأنه ما لم يعرف سبب المرض لا يمكن الطب له والبرء منه.
انتشر الإسلام سريعاً في قليل من الزمان، وامتد في رقعة من الأرض متلاصقة تجمع جزءاً من آسيا وإفريقية وأوربة، واشتدت شوكة المسلمين وقوى سلطانهم، وأصبحوا لا يرهبون العدو الخارجي لسقوط مقاومته أو لبعد داره، وكل هذا حسن يدعو إلى اغتباط محبى الإسلام، ولكن الله خلق الدنيا مختلطة منافعها بمضارها وممتزجاً شره بخيرها، فهذا الخير العظيم، وهو اتساع رقعة المسلمين، وامتداد سلطانهم، والأمن من أعدائهم أضعف الأواصر بينهم وجعلهم يعيشون في هذه الأرض وكأنه لا مالك لها سواهم، فانصرفوا إلى منافسة بعضهم بعضا، إذ انقطع ذلك الخوف الذي يحفز الى التضام والالتصاق ومراعاة أسبابهما وتوخى كل ما يوجب الألفة والمحبة ونبذ كل ما يوجب الشقاق والتباعد، وانظر في ذلك الأمة إذا تكونت من عنصرين مختلفين: أقلية، وأكثرية، فإنك تجد الأقلية لخوفها من الأكثرية تدفعها غريزة حب البقاء إلى التضام والتعاون، أما الأكثرية فلعدم هذا الباعث تكون أقل تضامنا وتعاونا.