/ صفحه 407/
3 ـ ومنها ما روى عن رفاعة بن رافع قال: بينما أنا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، إذ دخل عليه رجل فقال يأمير المؤمنين، هذا زيد بن ثابت يفتي الناس في المسجد برأيه في الغسل من الجنابة، فقال عمر: عليَّ به، فجاء زيد، فلما رآه عمر قال أي عدوَّ نفسه ! قد بلغت أن تفتي الناس برأيك؟ فقال: يأمير المؤمنين، والله ما فعلت، ولكن سمعت من أعمامي حديثاً فحدثت به من أبي أيوب، ومن أبي بن كعب، ومن رفاعة بن رافع، فقال عمر: عليَّ برفاعة بن رافع فقال: قد كنتم تفعلون ذلك إذا أصاب أحدكم المرأة فأكسل أن يغتسل؟ فقال: قد كنا نفعل ذلك على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم). لم يأتنا فيه عن الله تحريم، ولم يكن فيه عنر سول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) شيء، فقال عمر: ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يعلم ذلك؟ قال: ما أدري. فأمر عمر بجمع المهاجرين والأنصار، فجمعوا وشاورهم، فشار الناس أن لا غسل، إلا ما كان من معاذ وعلى، فإنهما قالا: إذا جاوز الختانُ الختانَ وجب الغسل، فقال عمر: هذا وأنتم أصحاب بدر قد اختلفتم، فمن بعدكم أشد اختلافا! فقال عليّ: يأمير المؤمنين إنه ليس أحد أعلم بهذا ـ من شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ من أزواجه، فأرسل إلى حفصة، فقالت: لا علم لي، فأرسل إلى عائشة، فقالت: إذا جاوز الختانُ الختانَ فقد وجب الغسل فقال: لا أسمع برجل فعل ذلك إلا أوجعته ضربا ـ يريد عدم الاغتسال من الإكسال ـ (1).
2 ـ ثم جاء بعد ذلك عصر التابعين فأخذ كل بما علم من رواية عن الصحابة، وغاب عن بعضهم كذلك ما علمه غيرهم، ثم أتى بعد التابعين فقهاء الأمصار، كأبي حنيفة، وسفيان، وابن أبي ليلى، وابن جريج، ومالك، وابن الماجشون، وعثمان البتي، وسوار، والأوزاعي، والليث، وزيد بن علي، وجعفر بن محمد، وغيرهم، فمنهم من كان في الكوفة، ومنهم من كان بمكة، ومنهم

ــــــــــ
(1) أعلام الموقعين ص 63، 64 ج 1.