/ صفحه 401/
إذ ذكر أن وافد المهلب للحجاج هو: مالك بن بشير، وأن الحجاج تفاءل باسمه وإسم أبيه، وفرح لأول نظرة عند المقابلة، والحديث بينهما ممتع طويل لو نقلناه (1)، وكذا ابن خلكان في وفيات الأعيان ترجمة (( المهلب بن ابي صفرة الأزدي )) (2).
والخلاف في الرسول لا طائل تحته كما يقولون على أنه سواء أكان الرسول كعبا أم مالكا فإن القصة نفسها صحيحة لا ريب فيها. وهي المسوقة لإعظام بني المهلب. في أسلوب جزل: يستهوي الألباب، ويستلب المشاعر. وفيها هذا التشبيه: (( هم كالحلقة المفرغة )) الذي ينم عن ألمعية منشئه ومبدعه، ولحسن وقعه واختصار لفظه تداوله الأدباء وضربوه فيم يشبه مورده إذ صار مثلا (3).
هم كالحلقة المفرغة:
ولقد استجاد هذا التشبيه سلف البلاغيين وخلفهم، لما فيه من عمق المعنى، وقوة التصوير واكتمال الصلة بين الطرفين كما يبغي القائل، وهنا يحسن الإلماع إليه ملحة بيانية.
قال الشيخ عبد القاهر في مبحث (( التشبيه والتمثيل )) بعد أن قسم التمثيل إلى ثلاثة: ما يقرب مأخذه، وما يحتاج إلى قدر من التأمل والتلطف، وما يدق ويفحص حتى يحتاج إلى فضل روية ولطف فكر، شارحا القسم الثالث بشيء من البسط إذ يقول فيه:
(( وأما ما تقوا فيه الحاجة إلى التأويل حتى لا يعرف المقصود من التشبيه فيه ببديهة السماع، فنحو قوله كعب الأشقري ـ وقد أوفده المهلب على الحجاج فوصف له بنيه، وذكر مكانهم من الفضل والبأس فسأله في آخر القصة قال: فكيف كان بنو المهلب فيكم، قال: كانوا حماة السرح نهاراً، فإذا أليلوا ففرسان البيات، قال: فأيهم كان أنجد، قال: كانوا كالحلقة المفرغة لا يُدرى أين طرفاها؟

ــــــــــ
(1) العقد ج 2 ص 82 طبع لجنة التأليف والترجمة.
(2) الوفيات ج 4 ص 440 طبع مطبعة السعادة.
(3) راجع مجمع الأمثال أواخر (( الهاء )).