/ صفحه 400/
قال المبرد " … فقال الحجاج له: أخبرني عن بني المهلب، قال المغيرة فارسهم وسيدهم، وكفى بيزيد فارساً شجاعا، وجوادهم وسخيهم قبيصة، ولا يستحي الشجاع أن يفر من مدركة، وعبد الملك سم ناقع، وحبيب موت ذعاف، ومحمد ليث غاب وكفاك بالمفضل نجدة، قال: فكيف خلفت جماعة الناس قال خلفتهم بخير، قد أدركوا ما أمّلوا، وأمنوا ما خافوا، قال: فكيف كان بنو المهلب فيكم؟ قال: كانوا حماة السرح نهاراً، فإذا أليلوا ففرسان البيات، قال: فأيهم كان أنجد، قال: كانوا كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفها، قال: فكيف كنتم أنتم وعدوكم؟ قال: كنا إذا أخذنا عفونا، وإذا أخذوا يئسنا منهم، وإذا اجتهدوا واجتهدنا طمعنا فيهم، فقال الحجاج: إن العاقبة للمتقين، كيف أفلتكم قطري، قال: كدناه ببعض ما كادنا به فصرنا منه إلى الذي تحب، قال: فهلا اتبعتموه، قال: كان الحدُّ عندنا آثر من الفلِّ، قال: فكيف كان لكم المهلب وكنتم له، قال: كان لنا منه شفقة الوالد وله منابر الولد، قال: فكيف اغتباط الناس؟ قال: فشا فيهم الأمن وشملهم النفل، قال: أكنت أعددت لي هذا الجواب، قال: لا يعلم الغيب إلا الله، قال: فقال هكذا تكون والله الرجال، المهلب كان أعلم بك حيث وجهك(1).
وقد اختلفت الروايات في رسول المهلب إلى الحجاج، فتقدمت رواية المبرد التي تعين أن رسول المهلب هو كعب بن معدان الأشقري، وتبع المبرد في هذه الرواية أبو علي القالي في الأمالي (2)، وقفاهما النويري في نهاية الأرب، مع زيادة بيان في مجادة بني المهلب، وذلك في مقام: " ذكر ما قيل في الشجاعة والصبر والإقدام" (3).
وقد خالف كل هؤلا ءابن عبد ربه في العقد الفريد (( الجمانة في الوفود ))
ــــــــــ
(1) الكامل شرح الرغبة ج 8 ص 114، 115، الشرح: المال: السائم من الأنعام والبيات: الهجوم على العدو ليلا، أثرنا الحد على الفل: الحد في اللغة النفاذ في النجدة، والمراد به المجاهدة لعبد ربه الكبير، وذلك أن الخوارج لما خلعوا قطريا وبايعوا عبد ربه نهض بالجهاد، وذهب قطري الى طبرستان، فنهد المهلب إلى خوارج عبد ربه ولم يتبع قطريا، فالحد عبد ربه، والفل قطري، وهذا بيان المبرد في الكامل ج 4 ص 28.
(2) الأمالي ج 1 ص 265 طبع الدار.
(3) نهاية الأرب ج 3 ص 221 طبع الدار.