/ صفحه 40/
وعوامل الهدم في الأمم كمثل المخدر لا يمكن أن يدوم مفعوله، ولابد من تجديده، والطريقة التي اتبعت في تجديد تخدير أمتنا الإسلامية هي تقوية الخرافات والاهتمام بالقشور لصرف الناس عن الدين الصحيح(1).
قلنا إن المخدر لا يمكن أن يدوم أثره، ولابد من فترة تنبه تعقب كل تخدير، ومن هنا بدأت الشعوب تحس أن بها أمراضاً، وتدرك أنها تخلفت عن الركب، وتلمس أن في العالم أقوياء وضعفاء، وأن الضعيف لا وزن له، وأن القوي يتحكم في مصير الضعيف ويرسم له خطته، وأن التقاطع بين الشعوب الإسلامية حرمها الانتفاع بما في أخوة أربعمائة مليون من قوة.
والتنبه للمرض أول خطوة نحو العلاج. ومن هنا بدأ المفكرون يحاولون إيقاظ الأمة من سباتها، ويكافحون للرجوع بها إلى التطور الطبيعي، وكثرت المحاولات وظهر الوعى، ثم جاءت فكرة التقريب، وهي تتفق مع طبيعة التطور والعقل السليم وأسس دين الأخوة والتوحيد.
التقريب بين أرباب المذاهب الإسلامية الذين باعدت بينهم آراء لا تمس العقائد التي يجب الإيمان بها.
وحمل لواءها علماء من مذاهب أهل السنة الأربعة ومذهبي الإمامية والزيدية

ــــــــــ
(1) راجع مقالنا: ((الدين في معترك السياسة)) العدد الثاني من السنة السابعة من هذه المجلة.

من الشيعة، وبدأت تعالج التفرق بين أخوة في الدين، كتابهم واحد، وقبلتهم واحدة، وصلواتهم واحدة، وحجهم واحد، يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وآله وسلم رسولا، وبأنه أشرف المرسلين وخاتم النبيين، وبأن ما جاء به لابد أن يؤخذ به، وبأن سنته من المصادر الحتمية للأحكام.
وسارت فكرة التقريب هادئة مطمئنة، يؤيدها الفاهمون في كل شعب، وحملة الأقلام الذين يعتقدون أن لأقلامهم رسالة ويترفعون عن الدجل فيما يكتبون.
وكان طبيعياً وقد تركت الفكرة أثرها في النفوس أن يقف فريق من الناس يسألون أنفسهم: ماذا كسبنا من الماضي بما فيه من تخاصم وتطاحن، وماذا جرّت