/ صفحه 385/
قال: أما الجذور فانها لن تسموا إلا لتنثنى فترجع إلى دركها الأسفل، وأما الفرع فإنه لن يهبط إلا بقدر ما تنشأ له جذور يعتمد عليها ليذهب إلى دركه الأعلى فأنت ترى وسائلك الصناعية وسائل معوقة لا يبقى منها آخر الأمر إلا التواء هنا واعوجاج هناك، فكذلك الشئون الاجتماعية إذا عالجتموها علاجا ينبو عن طبائع الأشياء تتمخض لكم في النهاية عما شئتم من التواء واعوجاج، ولست أدري وايم الحق لم تبغونها عوجا.
قلت: إنها لنظرية اجتماعية ضالة، تلك التي تحسب المجتمع كائنا يشبه أن يكون كائنا عضوياً له عينان وأذنان ويدان وساقان وروح وجسم إلى آخر ما هنا لك مما يترتب عليه الخطأ في التطبيق إذا اعتل الجسم الاجتماعي مثلا ورجعنا إلى الطبيب الاجتماعي نستأديه تذكرة الدواء. إن المعاني غير المباني والخلط بينهما غير ممكن، فلماذا لا نواجه الأمور كما خلقها الله دون أن نضرب الأمثال " فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون ".
قال: صدق الله العظيم. ولو ذات سوار لطمتني، أوقل رمتني بدائها وانسلت، لكأني أنا الذي صدق على إبليس ظنه فغيرت خلق الله.
قلت: لقد انتهى عهد كانوا يغيرون فيه خلق الله ويبتكون آذان الأنعام.
قال: ولكن إبليس منتظر إلى يوم الوقت المعلوم، وما أحسب الوقت المعلوم قد أظلنا، ولا أحسب إبليس قد تاب وأناب فلم يعد يوسوس في صدور الناس ويأمرهم أن يغيروا خلق الله، وإذا لم تكن الناس تبتك آذان الأنعام الآن فإنها تبتك أشياء أخرى كثيرة وتغير خلق الله " ومن يضلل الله فما له من هاد ".
قلت: فكيف أغير خلق الله؟
قال: حين يقول عز من قائل: " الرجال قوامون على النساء ". " وللرجال عليهن درجة " وتقول أنت: النساء قوامات على أنفسهن يعدلن الرجال، وليس لهم عليهن درجة، أفليس هذا أبعد مدى في محاولة تغيير خلق الله من أن تبتك آذان