/ صفحه 377/
وقد جرت عادة بعض الأزواج في الصين أن يقدموا زوجاتهم للبغاء للإنتفاع بأجورهن، ولذلك ورد في تشريعهم المعروف بالأوامر Ordonnances أنه إذا أكره رجل امرأته على البغاء ليبتغي من وراء ذلك عرض الحياة الدنيا، وانتحرت المرأة حتى لا تقترف هذا المنكر، وجب أن يقام لها على مقربة من منزل أبيها نصب تذكاري على هيئة (قوس النصر) (1).
وكان كثير من الدول المتحضرة في العصور الحديثة ـ حتى الدول الإسلامية نفسها ـ تقر البغاء الرسمي (عملياً)، وتسن له اللوائح والقوانين، وتنتفع حكوماتها بما تجبيه من المومسات من رسوم وضرائب، ولا يزال هذا النظام معمولا به في بعض هذا الامم إلى الوقت الحاضر، وقد كان نظام البغاء الرسمي معترفا به في مصر نفسها إلى عهد قريب، حتى بعد أن تقرر في دستورها السابق أن دينها الرسمي هو الإسلام بل لقد تبجح بعض الكتاب ـ ولا يزال بعضهم يتبجح إلى الان ـ بالدفاع عنه بعد إلغائه ومطالبة الحكومة بإعادة النظر في تحريمه لاتقاء بعض الأضرار الصحية واتقاء البغاء السري على حسب ما يزعمون.
* * *
وبجانب هذا البغاء ـ السياسي أو الاجتماعي ـ يوجد نوع آخر من البغاء يطلق عليه اسم: " البغاء الديني " أو " البغاء المقدس " لأنه كان يعد شعيرة من شعائر الدين، أو وسيلة لإرضاء الآلهة والتقرب إليهم! وقد عثر الباحثون على عدة مظاهر لهذا النظام عند كثير من الشعوب البدائية والمتحضرة، وإن كان انتشاره عند الشعوب المتحضرة أوسع من انتشاره عند البدائيين.
فعند قدماء العبريين كانت توجد طوائف من النسوة يزاولن البغاء في المعابد (2) وكان يعتقد أنهن يجلبن الخير والبركة لمن يتصل بهن، وظل هذا التقليد الديني سائداً إلى أن حرمه " سفر التثنية " (3).
ــــــــــ
(1) Westermarck. Op. cit. 11.411
(2) هوشع Osee الإصحاح الرابع آية 14.
(3) التثنية إصحاح 23 آية 17.