/ صفحه 376/
وكان كثير من سراة اليونان في العصور القديمة يستخدمون إماءهم كذلك في البغاء للإنتفاع بأجورهن، وقد أقر المشرعون أنفسهم هذا الضرب من الاستغلال الخسيس؛ بل إن بعض حكوماتهم قد أخذ ينافس الأفراد في هذه التجارة، فقد نظم صولون نفسه ـ وهو كبير مشرعي أثينا وحاكمها ـ شئون البغاء الرسمي، وأنشأ منازل خاصة للبغايا، واشترى عدداً كبيراً من الإماء وفرقهن على هذه المنازل لتنتفع الدولة بأجورهن، وبجانب هذا الصنف المبتذل من المومسات كان يوجد في أثينا صنف آخر من البغايا، كن يعرفن باسم: " البغايا الراقيات " وكن يمتزن بجمالهن الباهر، وذكائهن الوقاد، وكن موضع تقدير كثير من الناس؛ بل كان عظماء الرجال أنفسهم يحرصون على الاتصال بهن، وكن يعتبرن من الطبقات الراقية في المجتمع (1).
ومع أنه كان ينظر في روما للبغايا نظرة احتقار، وكانت أسماؤهن تدون في القوائم العامة للتشهير بهن، فان البغاء كان منتشراً انتشاراً كبيراً في معظم المدن الرومانية، ولم يصدر أمر صريح بتحريم البغاء إلا في السنة التاسعة عشرة بعد الميلاد، على أن هذا التحريم لم يكن عاما، وإنما كان مقصوراً على الحرة المنحدرة من أبوين رومانيين ومن تكون زوجة لروماني أصيل (2). ومعنى ذلك أنه كان يباح لغير هاتين الطائفتين من النساء امتهان البغاء.
وكان كثير من اليابانيين يخصصون بناتهم للبغاء للإنتفاع بأجورهن، فيلحقوهن بمنزل من منازل الفسوق حيث يقضين حياتهن كلها أو فترة منها وما كان يجوز للبنت أن تعصى أباها ولا أن تعترض على أمره (3). ويضاف إلى هؤلاء طائفة أخرى كبيرة العدد في اليابان تتألف من اللائي يسلكن هذا الطريق بمحض اختيارهن ومن انتشر البغاء في اليابان انتشاراً مروعاً وبلغ ضحاياه عشرات الألوف، حتى إن الحكومة الحاضرة لتجد صعوبة في القضاء عليه أو تخفيف مضاره.

ــــــــــ
(1) V. Westermarck: Idees Morales. 11.413.
(2) Ibid
(3) Westermarck. Op. cit. 1. 604 ; Letourneau; La Sociologie 362