/ صفحه 378/
وعند قدماء الكنعانيين كانت توجد طائفة من النسوة يطلق عليهن اسم: " كيد يشولح " Kedesholh وقفن أنفسهن على خدمة المعبد ووهبن جسومهن للبغاء المقدس (1).
ومن أشهر أنواع " البغاء المقدس " عند الشعوب المتحضرة ما كان يجري عليه العمل في بابل في معابد الإلاهة ميليتا Mylitta (وهي في شخصيتها ووظائفها وأساطيرها تماثل الإلاهة أفروديت عند اليونان والإلاهة فينوس عند الرومان والإلاهة عشتروت عند الفينيقيين) (2) وقد أفاض المؤرخ اليوناني هيرودوت في وصف هذا النظام، فذكر أن كل بنت تولد في هذه البلاد كان يجب عليها مرة في حياتها أن تذهب إلى معبد الإلاهة " ميليتا " حيث تقدم نفسها لرجل أجنبي عن البلاد. فكانت تجلس في ساحة المعبد حتى يمر بها أجنبي ويضع على ركبتها قطعة فضية من النقد داعياً في أثناء ذلك " أن تباركها الإلاهة ميليتا وتشملها برعايتها " ثم يصحب الفتاة بعيداً عن الساحة المقدسة ليقضي معها إربته. وكانت قطعة النقد تعتبر مقدسة بمجرد وضعها على ركبة الفتاة، وما كان يباح للفتاة أن ترفضها أو ترفض دعوة صاحبها، وكان ينظر إلى هذه الاتصالات على أنها ضرب من العبادة الدينية تقدمها الفتيات لإلاهتهن " ميليتا " أو نوع من القربان يتقربن به اليها، وكان يعقتد أن هذا الضرب من العبادة وهذا النوع من القربان من أحب العبادات والقرابين إلى الإلاهة، وأنه مصدر خير وبركة للفتاة نفسها، كما تدل على ذلك العبارة التي كان يقولها الأجنبي وهو يلقي بقطعة النقد على ركبتها " لتباركك الإلاهة وتشملك برعايتها " (حسب رواية هيرودوت) وبعد أن تؤدي الفتاة واجبها هذا كانت تنقلب إلى أهلها فرحة بما آتتها الإلاهة من فضلها؛ وثمة كانت تتلقى تهنئات أهلها وأصدقائها وتغمرها هداياهم الثمينة(3).
ولهذا التقليد البابلي أشباه ونظائر في كثير من بلاد اليونان في عصورها القديمة
ــــــــــ
(1) Westermarck. Op. cit. 428
(2) انظر كتابنا في " النظم الدينية عند قدماء اليونان ".
(3) Westermarck. Op. cit , 429, 430