/ صفحه 364/
ولقد حث الإسلام على المودة تربط بين المسلم ومن يخالفه، فقد جاء لتقوية الصلات، ولم يجئ لقطعها، ووصف المؤمنين بأنهم يصلون ما امر الله به، ووصف المشركين بأنهم يقطعون ما أمر الله به، وتلك هي الفضيلة والطريقة المثلى.
8 ـ (5) نصر الضعيف وسد حاجته:
هذا هو أساس التعاون الإسلامي، فلا تعاون إلا إذا لوحظ حق الضعيف، ولقد قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (أبقوني في ضعفائكم، فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم) وحث الإسلام على معاونة الضعيف من غيرنظر إلى دينه لأن الضعف يجب أن تسد خلته أيا كانت نحلة صاحبه؛ وليس لمسلم أن يعيش ممتلئا ويعيش جاره من أي دين كان طاويا.
ولقد عمل الإسلام على نصر الضعفاء في السلم وفي الحرب، فلم يسغ لحاكم المسلمين أن يذل غير المسلم، وقد قرر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن من كلف ذمياً فوق طاقته فقد برئ منه عليه الصلاة والسلام، وقرر الإسلام أن الدولة الإسلامية عليها أن تكفي من يكونون في حاجة من غير المسلمين الذين ينضوون تحت لوائها، ويخضعون لحكمها، ويروى أن عمر بن الخطاب رأى شيخاً ضريراً يتكفف الناس، فسأله عن حاله، فعلم أنه من أهل الذمة، فقال الإمام العادل: (ما أنصفناك أخذنا منك الجزية صغيراً، وضيعناك كبيراً)، وأجرى عليه وظيفة دائمة من بيت المال.
ولم يكن الأمر مقصورا على من كانوا في ظل المسلمين، بل تجاوزهم إلى الذين يناوئون المسلمين، وإنه ليروى أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بلغه أن قريشاً أصابتهم أزمة جائحة، وذلك في مدة الموادعة بينه وبينهم، فأرسل إلى أبي سفيان بن حرب الذي كان زعيم الشرك إبان ذاك خمسمائة دينار ليشتري بها قمحاً، ويسد به خلة فقراء قريش.
هذا في حال السلم، أما في حال الحرب، فإن الإسلام ما كانت حروبه