/ صفحه 365/
إلا لرد الاعتداء، ولكف أذى الملوك عن رعاياهم، ولذلك كانوا يجدون في حكم الإسلام إنقاذاً ورحمة لم يكونوا يستمتعون بهما من قبل.
والاسلام كان يعمل على نصر الضعفاء من الدول والقبائل، ويعاهد على منع الاعتداء على الضعفاء، فقد كانت هدنته مع قريش تتضمن تعهد قريش له ألا يعتدوا على خزاعة، فلما اعتدوا عليها غضب، ونبذ إليهم عهدهم لأنهم نقضوه، وظنوا أنه يمالئهم على هؤلاء الضعفاء وهم مشركون مثلهم، ولكنه صاح صيحة الحق يقول: (لا نصرت إن لم أنصر بني كعب مما أنصر منه نفسي) ولما روجع في ذلك قال مقالة المعتزم المصمم: (والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا، والله لأغزون قريشا).
ولقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يؤيد كل حلف يكون أساسه نصر الضعيف، ولقد حدث، وهو في نحو الخامسة والعشرين حلف سمى حلف الفضول تعاهدت فيه طائفة من قريش لتنصرن الظالم على المظلوم ما رسا ثبير وحراء، وما بل بحر صوفة، وكان ذلك في دار عبد الله بن جدعان، ولقد ذكره النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد أن أقام دولة الإسلام، فقال: (لقد حضرت في بيت عبد الله ابن جدعان حلفا ما يسرني به حمر النعم، ولو دعيت إليه في الإسلام لأجبت).
هذا هو الإسلام يعتبر الإنسانية كلها أسرة واحدة يعاون فيها القوي الضعيف، والعالم الجاهل، فيتحقق قوله تعالى: (يأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأثنى، وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا، إن أكرمكم عند الله أتقاكم، إن الله عليم خبير[انتهى البحث]).