/ صفحه 35/
المحبة وضع القرآن العلاج الذي يطب به للقلوب النافرة، وأول هذا العلاج أنه أمر الزوجين أن يصلحا شأنهما بإثارة دواعى الرحمة عندما يعرض النفور، والعمل بالعدل عندما يستحكم، فإن لم يُجْد هذا، لأن القلوب قد تنافرودها، فعلى المتصلين بهما أن يحاولوا الإصلاح بينهما ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، فالصلح خير دائماً، وخصوصاً في العلاقة بين الزوجين، فإن لم يجد الإصلاح، وتحكم الشقاق، وتفاقم أمره، فإنه في هذه الحال يكون تحكيم حكمين يدرسان الأمربينهما، يحاولان الإصلاح مرة أخرى، فإن عجزا كان التفريق الذي لا مناص منه، ((وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته)).
هذه مراتب أربع ـ قد نص عليها القرآن الكريم في محكم آياته إذ قال سبحانه وتعالى: ((وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا، فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير، وأحضرت الأنفس الشح، وإن تحسنوا وتتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيراً، ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم، فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة، وإن تصلحوا وتتقوا فإن الله كان غفوراً رحيما، وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته، وكان الله واسعا حكيما)).
وقال تعالى: ((وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله، وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما; إنه كان عليما خبيرا)).
10 ـ وهكذا نجد الإسلام يعالج قلوب الزوجين، فيطب لها قبل أن تحل البغضاء محل المودة والرحمة والمحبة، فإذا استحكم النفور، ولم يكن ثمة سبيل إلى إعادة الصفاء إلى القلوب شرع الطلاق، وجعله بيد الزوج من غير تدخل قضاء; لأن الزواج اقترنت به تكليفات مالية كثيرة عليه، والطلاق يستتبع تكليفات أخرى عليه وفوق ذلك ما يستتبعه من واجبات نحو أولاده منها، وهي تفرض عليه أيضا تكليفات مالية لم تكن عليه قبل الطلاق، إذ كان يؤويهم جميعا بيت، فكل هذه التكليفات تجعله يفكر ويقدر قبل الإقدام على الخطوة الحاسمة القاصمة، فلا يقدم على الطلاق حينئذ إلا إذا كانت النفرة قد استحكمت، ولم يكن