/ صفحه 36/
ثمة سبيل لعيشة تقام فيها حدودالله تعالى، وتصان فيها الحقوق، ويقوم كل منهما بما عليه من واجب.
ولم يجعل الطلاق بيد القاضي إذا كان النفور من جانبه; لأنه إذا كان النفور وحده هو السبب فيما ذا يقضى القاضي، وحسب الرجل ما عليه من تكليفات تجعله يفكر ويقدر، وإن الأسباب التي تكون بين الزوجين ليس من السهل بين يدى القضاء إثباتها، وإن كان الطلاق لابد له من سبب يمكن إثباته، فإن استمع القاضي إليها وأثبتها، فإن قضى بها فهو العار اللاحق بالمرأة الذي يعوقها من أن تستأنف حياة زوجية أخرى، وإن لم يقض بمقتضى هذه البينات فإنه العار أيضا يلحقها من جراء ما تردد في دور القضاء، فيكون الضرر لاحقا بها.
أما إن كان النفور من الزوجة فإنه لا يكون الطلاق إلا بحكم القضاء; لأن المرأة سريعة الانفعال والاندفاع، ولأنه لا معوق يعوقها من تكليفات مالية أو نحوها، ولأن الرجل قد أنفق في هذا الزواج ما أنفق فحق عليها أن تعوضه عما أنفق إن كان سبب النفور من جانبها، ولأن الرجل لا يلازمه العار ولا يضره، بل سيجد على أي حال من ترضى به زوجا.
وإن إجابة المرأة الى الطلاق إن كان النفور من جانبها على أن تدفع للزوج المهر الذي دفعه، ويكون التفريق خلعا منصوص عليها في مذهب مالك، وهو عدل في ذاته.
11 ـ وقد يقول قائل إن الزوج قد يقدم على الطلاق في نوبة غضب جامح من غير تدبر ولا تفكر، ونقول في الإجابة عن ذلك: إن الشارع الحكيم. قد سنَّ طريقاً لإيقاع الطلاق بالنسبة للمدخول بها من النساء، وذلك الطريق ألا يطلق إلا واحدة، وفي حال طهر لا في حال حيض، وفي طهر لم يجامعها فيه، فإن الطلاق في هذه الحال يكون والنفس من شأنها أن تكون مقبلة في العادة لولا النفور، فإقدامه على الطلاق في هذه الحال دليل على استحكام النفور، واستغلاق