/ صفحه 349/
من المؤمنين، بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون، وقالوا إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين، ولو ترى إذ وقفوا على ربهم قال أليس هذا بالحق؟ قالوا بلى وربنا قال فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون ". " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة، وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم، وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء، لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون ".
إلى غير ذلك مما تضمنته السورة من الوصف العيني لمظاهر البعث الذي يأخذ بالقلب، ويثير الوجدان.
عود إلى ما قبل الاستطراد:
وفي تضاعيف هذا العرض للقضايا الثلاث تعرض السورة في صور مختلفة لموقف المكذبين من الرسل وأن التكذيب سنة قديمة وفي هذا تعالج نفس الرسول من اليأس وضيق الصدر بتكذيبهم إياه، وتبين له حسن عاقبته، وسوء عاقبتهم: " قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله، ولقد جاءك من نبأ المرسلين ". " ولقد استهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزئون " يعلو زبد الباطل فيخفي في ظلمته الحق، حتى إذا ما تنبه أهل الحق واطمأنت قلوبهم اليه، وانفعلت نفوسهم به؛ تبددت ظلمة الباطل وانطفأت فقاقيعه، وتجلى الحق وأخذ سلطانه، وإندحر الباطل وتواري تلبيسه " فأما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " سنة الله ولا تجد لسنة الله تبديلا.
وبينما نرى السورة تصرف الآيات والحجج في هذه القضايا الثلاث على النحو الذي أرشدنا إليه ورسمنا خطوطه نراها تعرض لكل ما تذكر هذه النتيجة البينة الواضحة " ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه ومن عمى فعليها وما أنا عليكم بحفيظ ".