/ صفحه 350/
التحريم والتحليل ليس من شأن البشر:
ثم نتابع السورة فنجدها تتناول بعض تصرفاتهم التي كانت أثراً من آثار الشرك في التحليل والتحريم لما خلق الله من الحرث والأنعام وتبين لهم خطأهم الواضح في هذا التصرف الذي تأباه طبيعة الأشياء أنفسها، وتبين لهم أن التحليل والتحريم ليس من شأن البشر وإنما هو من شأن الخالق الحكيم الذي يعلم خصائص الأشياء وخلق كل شيء لغايته " وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فما كان لشركائهم فلا يصل إلى الله وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم ساء ما يحكمون ". " وقالوا هذه أنعام وحرث حجر لا يطعمها إلا من نشأء بزعمهم وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراء عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون " تشرح الآيات انحرافهم في التحليل والتحريم وتجعله في مستوى اعتدائهم على أولادهم بالقتل " سفها بغير علم " ثم تقفى كل ذلك بالتفنيد والإبطال: " قل آلذكرين حرم أم الأنثيين أم ما اشتملت عليه أرحام الأنثيين أم كنتم شهداء إذ وصاكم الله بهذا فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ليضل الناس بغير علم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ".
وفي هذا السياق تبين السورة ما حرمه الله من الطعام وتحصره في أربعة أصناف " قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم " (1).
القرآن يفند الشبه القديمة في الاحتجاج بالقضاء والقدر:
ثم تعرض السورة في سياق التحدث عن تصرفهم بالتحليل والتحريم للشبه التي كانوا يتمسكون بها في تبرير شركهم وفي التحليل والتحريم من دون الله، وهي الشبه البشرية في قديم الزمان وحديثه فيما يتعلق بالايمان والكفر، والطاعة

ــــــــــ
(1) انظر هذا الحصر في الآية 173 من سورة البقرة، والايات الأولى من سورة المائدة، والاية 115 من سورة النحل لتعلم أنه قرر في مكي القرآن ومدنيه.