/ صفحه 33/
اللذين تقوم عليهما الأسس الأولى، وهما الزوجان، فلم يفرض أن الزواج له رباط غيرالمودة والرحمة; ولذا قال سبحانه وتعالى: ((ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)) فالمودة والرحمة هي الصلة التي تربط بين الزوجين، واعتبر العلاقة الزوجية ارتباط قلبين يكون كل واحد منهما لصاحبه بمنزلة الشعار والدثار له، ولذلك يقول سبحانه وتعالى في العلاقة الزوجية: ((هن لباس لكم وأنتم لباس لهن)) وقد اعتبر القرآن الزوجة قطعة من نفس الزوج بإشارته إلى أن المرأة خلقت من نفس الرجل، إذ قال سبحانه: ((يأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيراً ونساء، واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام، إن الله كان عليكم رقيبا)).
وإذا كانت المودة هي المعنى الأول الذي يربط بين الزوجين، فإنه لابد أن تلاحظ عند اختيار الرجل عشيره وأليفه، فلا يتزوج المرأة لغناها، ولا لجاه أبيها، ولا لشرف أسرتها، ولا لعزة قومها، بل يتزوجها لما يرجوه من مودة تربط بينهما، ويجب أن يكون للدين دخل في الاختيار، فإن الدين من شأنه أن يربى بواعث الرحمة ونوازع المودة، فإن المؤمن مألف، كما ورد بذلك الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولذلك ورد في الأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من تزوج امرأة لمالها زاده الله به فقرا، ومن تزوج امرأة لحسبها زاده الله به ذلا، ومن تزوجها لدينها
بارك الله له فيها، وبارك لها فيه)).
وإن الجمال قد يكون مردياً، فينبغي عند الاختيار ألا تكون له المنزلة الأولى، فإن المرأة قد يرديها جمالها إذا لم يكن لها دين، ولذا ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إياكم وخضراء الدمن)) قالوا يا رسول الله، وما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت سوء.
وإنه لأجل هذه المودة التي تصل القلوب كان الصحابة لا يحبون الاشتراط عند عقد الزواج، وكان الإمام مالك يقول: ((لا تزوجوا على الشروط، ولكن تزوجوا على الدين والأخلاق والعقل)).