/ صفحه 315/
كفاني من الخذلان أن تجحدينني وإن كان عند الله لا فرق بيننا
وما أنت يا هذا. ومن أنت يا ترى؟ فقال لها نفس تسمينني (أنا)
إذا رمت يا دنياي أن تعرفينني فقد رمت أمراً ليته كان ممكنا
وما أنت إلا أنت في كل موطن ولكنني أشياء من بينها (أنا)
كأني لا أشبهك أو تشبهينني أساساً وتكوينا وترباً ومعدناً
فوا أسفا إن كنت لا تعرفينني وإن كنت لا تدرين يا نفس من أنا
أحبك يا نفس فهل تعشقينني أظنك يا نفس تحبين غيرنا (1)
ثم نعود إلى مذاهب الأدب، وارتكاس شعرائنا في فهمها فهما خاطئاً، ومحاولاتهم التقيد بها، والجرى وراءها، فنرى كيف أنهم صفقوا للمذهب الذي يطلق عليه (مذهب الفن للفن) وتبجح بعضهم به، وروج له، وجعله مبرراً لما ينظم من شعر مسف، ملئ فحشاً وهجراً، ونشر هذا الشعر في ديوان يستطيع كل ناشيء أن ينظر فيه، فيرى الألفاظ الفاجرة، والعبارة الخليعة الرقيعة، وحجتهم حين تنكر عليهم هذا الشعر المثير للغرائز، الحافز على اقتراف المنكرات حجتهم التي يجبهونك بها (الفن للفن).
هذا الوهم الذي يبيح لشاعر صغير ناشيء، أن ينشر في ديوان صغير خمس قصائد عنوان كل منها (جسم غادة) ويبيح لشاعر كبير، بل لشعراء، أن ينشروا في دواوينهم قصائد يصفون فيها ما يسمونه (بالليالي الحمراء) بل الذي يبيح لشاعر درس الدين، وراح في المدارس يدرسه، أن يصف في شعر منشور في إحدى المجلات الكبرى أدق ما يكون بين فتى وفتاة، حين تسعفهما خلوة ….
غلط في الفهم، وتماد في البناء على هذا الغلط، ثم تبجح بعد ذلك وأصرار على هذه السلوك المشين.
والدكتور محمد مندور يحدثنا عن هذا المذهب قائلا: " وبالرغم من نشأة الفن للفن هذه النشأة التاريخية المحدودة كثورة ضد استخدام الفن كوسيلة التعبير
ــــــــــ
(1) الشعر للشاعر محمود السيد شعبان (شاعر الحرمان).