/ صفحه 311/
وزير ـ ألف رئيس ممن يتعين أن يتشكر له، ويضطر إلى ذلك فيحتاج في ذلك إلى ألف عبارة مضمونها الشرك، وهذا كثير للغاية، لا سيما من محزون فقد قطعة من كبده ".
ولست أقول إن سعة الاطلاع، وكثرة القراءة تخرج شاعراً أو أديبا، ولكن إذا وافقها الطبع الموهوب، والاستعداد الفطري، كانت من أكبر العون على إنتاج أدب خالد، أما إذا وحد الطبع وصادف كسلا عقليا، فإن القريحة لا تجد الوسائل التي تسعفها عند ما تحاول أن تفيض، وليس من شك في أن اللغة أداة الإبانة، ووسيلة الأداء، وكلما اتسع محصول الأديب من مفرداتها وتراكيبها، أدى خواطره وأفكاره أحسن أداء، وصاغ فنه أقوم صياغة، وأظهرها في أروع معرض، وشتان بين أديب يسرح بخاطره في حقل فسيح من أساليب الكلام، ويستطيع أن يميز بين ما يأخذ وما يدع، وآخر تواتيه الفكرة فيعوزه حسن الأداء، ويضيق أمامه مجال التعبير.
وإذا كان المتأدبون ينعمون بهذا الكسل المترف ويعزفون عن القراءة والدرس، ويستثقلون الآداب القديمة، فإن جناية مناهجنا، وسلوكنا في التدريس لا تقل عن جنايتهم على أنفسهم، وذلك أن آخر ما تفكر فيه في معاهدنا ومدارسنا، بل وجامعاتنا، هو النصوص، والإكثار منها، وحمل الناشئة على استظهارها ودراستها مستنيرة واعية هاضمة، والمعلمون يعرفون معنى ما أقول، ولا يستطيع مكابر منهم أن ينكر أن درس المحفوظات لا يأخذ من العناية ما هو جدير به.
وأما أنا، فإنى أعرف من إهمال الطلاب، وإهمال أساتذهم في هذا الشأن ما يتضاءل دونه كل خيال.
هذه واحدة.. وأما الثانية فهي اندفاع كثير من شعرائنا وراء المذاهب الغربية، يتمجدون بها، ويتمذهبون، ويفاخرون، ويحاولون أن يكونوا نماذج لهذه المذاهب، والخطب في ذلك جليل، فإن شعراءنا المحدثين الذين جعلوا