/ صفحه 31/
ولا أهداف نحو غايات إنسانية عالية، وصار المجتمع آحاداً منتثرة، لا وحدات مجتمعة، فإن الطفل تنمو عواطفه، وتستيقظ مشاعره بالغذاء العاطفي الذي يتلقاه من أبويه وإخوته، وعمومته وخئولته، فإن ما يمد به من ينابيع العاطفة التي تنبعث من هؤلاء هو البذور الأولى التي تنمو فيكون منها التعاطف الاجتماعي، وقد لوحظ أن الشذاب في المجتمعات الذين يصولون على الأرواح فيقتلون الأنفس، أو على الأموال فيسرقونها أو يغتصبونها هم من الذين لم تكن لهم أسر يتربون فيها على روح الائتلاف، إما لأنهم نشئوا يتامى لم يجدوا من يؤويهم، أو لأنهم لفظتهم أسرتهم، أو لم يجدوا بين أحضان أمهاتهم العواطف القوية التي تغذى عواطفهم وتنميها، وتربى فيهم الإلف الاجتماعي، فالأسرة لهذا ضرورية لكل إصلاح اجتماعي، وصلاحها هو صلاح المجتمع إن لم تكن ثمة عوامل فساد أخرى تنخر في عظامه.
4 ـ والأسرة لا يحكمها القانون الزاجر، ولا القضاء الرادع، ولا الأحكام القانونية، إنما ينظمها ثلاثة أمور: مودة واصلة، ووجدان قوى يتكون منه ضمير لائم ونفس لوامة ترجع إلى الحق إن تجانفت لإثم، وهدى دينى يكون الحكم فيه للديان.
فإنه إذا تكونت هذه الأمور الثلاثة، وامتلأت نفس كل آحاد الأسرة بها استقامت أمورها، وما تسامع أحد بأمرها إلا متعاونة متوادة متراحمة، وإن فقد أحد هذه العناصر، واحتاجت إلى الترافع بين يدى القضاء لا يصح أن يكون القضاء فصلا رادعا من أول الأمر، بل يستعين بالرحمة يثيرها، وبالمودة يصل بها المقطوع، ويستعين على ذلك بأعضاء الأسرة الآخرين الذين لم تنقطع حبال المودة بينهم وبين المتخاصمين، يفعل ذلك ما وسعه أن يفعل، فإن يئس كان عدل الله هو الفيصل بين المختصمين، وهو خيرالحاكمين.
5 ـ وإن القرآن لعنايته بالأسرة نظم الحقوق والواجبات فيها تفصيلاً، فإن المتتبع لنصوص القرآن الكريم ليرى أن القرآن لم يبين الصلاة تفصيلا، بل دعا