/ صفحه 309/
في النقد الأدبي:
مستقبل الشعر
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الشيخ علي العماري
المدرس بالأزهر
ـ 2 ـ
شعراؤنا لا يقرءون، هذه هي المشكلة الخطيرة في حياتنا الأدبية، ولست أعنى مجرد القراءة، ولا القراءة التافهة، وإنما أعنى القراءة التي تعين على تقويم اللسان، ونصاعة الأسلوب، والسعة في التعبير والتصوير، ولن تكون هذه القراءة التي يغرم بها المتطلعون للفن عندنا وسيلة إلى شيء من ذلك، إن الحياة تعجلهم، والرغبة الملحة في الصيت العاجل تعوقهم عن الجد والمثابرة والدءوب والصبر الطويل، للمطالعة والدرس، والاستظهار والهضم، وحسن التخير، ومنهم ذوى الرأي الفائل، والعمل الفاشل، والتفكير العجيب، مما يصرفهم عن المنابع الثرة، والأصول القويمة التي تعمل في تكوين الملكة، وتساعد على تربية الذوق، وتوصل إلى الغاية.
قلت ـ مرة ـ لبعض أولئك: رحم الله أياما مضت، ما عدنا نأمل أن نرى أمثال فلان وفلان ـ وعددت له جماعة من أصحاب الآداب الرفيعة، والأساليب العالية ـ فقال: لا أمل في عودة هؤلاء وأمثالهم، فكأنه رأى الارتياح باديا على وجهي إذ وافقني على امتداح من ذكرت من الأدباء، فأردف يقول: لا أمل في عودتهم لأن النثر والشعر يتقدمان بخطى فسيحة، وعودة أمثال هؤلاء نكسة لا نرضاها ولا نأملها، ولا نستريح لها، فإذا كان هذا رأيهم في هذه الآداب