/ صفحه 29/
المجتمع القرآنى
ـ 2 ـ
الاسرة
لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمد أبوزهرة
وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة
1 ـ إن المجتمع في القرآن يعم كل أنواع الاجتماع، فهو يبتدى من الأسرة، فالأمة، فالمجتمع الإنساني عامة، وله قوانين ثابتة مستقرة لا تتغير في أي جماعة، ولا تتبدل في طائفة عن طائفة، وقد أشرنا إلى هذه القواعد الحاكمة التي تقيد المسلم في كل معاملاته وفي كل روابطه، وحكمها عام، فالمسلم مقيد بالعدالة في كل معاملاته، سواء أكان الذي يعامله ولياً أم كان عدوا، ومقيد بالفضيلة، سواء أكان الذي يعامله أبيض أم كان أسود، فالمعاني الإنسانية العالية لا تفرق بين إنسان وإنسان.
ولذلك نذكر هنا أن كل ما قررناه في مقالنا الماضي يطبق على المجتمعات كلها، فلا فرق بين مجتمع بدائى، ومجتمع متحضر، إذ الجميع أمام الحقّ والعدل والفضيلة سواء، هذا منطق القرآن، وهدى الإسلام، لا يكون ما هو عدل وفضيلة عند المتمدين غيره عند غير المتمدين، فإن ذلك منطق الأثرة الظالمة، لا منطق الهداية التي تنزل من السماء، وقد أشرنا إلى ذلك من قبل.
2 ـ وإنه إذا كانت ثمة مبادىء عامة للمجتمع القرآنى، فإن تحقيق هذه المبادىء يختلف في كل مجتمع باختلاف المجتمعات من حيث الوسائل، لا من حيث الحقائق، ومن حيث تقوية الروابط، وطرق تقويتها، فتحقيق العدالة وتقوية