/ صفحه 28/
تفعل، أتبتغى نفقا في الأرض تتعمق فيه حتى تأتيهم بآية أم تبتغى سلما في السماء تصعد به حتى تحقق لهم ذلك، فإن الله لن يحققه ولن يجيبهم إليه، ولو أنه أراد منهم إيمان الإرغام والإلجاء لكان جمعهم على الهدى، وهيأهم على استعداد يجعلهم يتقبلونه خاضعين، كما خلق أصنافا اُخرى من خلقه مثل الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون، فلا تكونن من الجاهلين، فتطلب أو ترقب ما لم تقتضه حكمة الله.
كل هذا فيه تسلية للنبي، وفيه مع ذلك تصوير بليغ لمقتضيات بشريته، ودليل على أن الله تعالى يعالجه كما يعالج البشر، ولو شاء لطبعه على طبيعة أخرى يكون معها بعيداً عن التأثر بالعواطف البشرية التي يعالجه منها.
* * *
وليس هذا كل ما في سورة ((الأنعام)) من حديث عن الوحى والرسالة، وإرشاد الرسول وتثبيته، ولكننا نحسب أن ما ذكرناه يفتح الطريق ـ إن شاء الله ـ لمن أراد المزيد، والله المستعان.