/ صفحه 254/
أسبانيا وحالفهم أمير غرناطة، وكان بنو ذي النون في طليطلة وما جاورها وأواسط أسبانيا، وكان بنو عامر في بلنسيه ومرسيه، وكان بنو هود سادة سرقسطة.
وقد قال شاعرهم يصف هذا التفرق وهذا الانقسام:
مما يزهدني في أرض أندلس أسماء معتضد فيها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها كالهر يحكي انتفاخا صورة الأسد
وكانت هذه الإمارات تجيش بالأطماع بعضها في بعض، وكانت الحرب لا تضع أوزارها بينهم، وكان الأقوى يغزو الأضعف فيستجير الأضعف بجار له أقوى وربما استجار بملوك الفرنجة، ولكنه كان يدفع الثمن غاليا حريته وعزته وأخيراً كان يسلم إليهم بلاده.
خالفوا نظام الأخوة الإسلامية وما يجب لها، وانتهكوا دستورها، كان من دستورها أن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه، وإذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار، وكان المقتول في النار لأنه كان حريصا على قتل أخيه.
وكان من دستور الأخوة الإسلامية أن المسلمين تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، فخالفوا هذا الدستور وكانوا مع من سواهم يداً عليهم، فقد كانوا يتحالفون مع ملوك النصارى على جيرانهم من المسلمين، وإن سقوط طليطلة ليبين لنا كثيراً من المخازي التي ارتكبها أمراء المسلمين، وكيف أنهم عاونوا على ضياع ملكهم وثل عرشهم، وكانوا أعظم أثراً في جلب الخراب على أنفسهم من أعدائهم النصارى.
إن الذي افتتح طليطلة هو الفونسو ملك قشتالة، وكانت تجمعه ببني ذي النون أصحاب طليطلة روابط متينة من الصداقة، وكان سببها أن أخاه ساتشو طارده وتعقبه، فلجأ إلى بني ذي النون في طليطلة فوجد عندهم ملجأ حصينا، وأضفوا عليه حمايتهم حتى نجا من أخيه، ولما آل إليه الملك عقد مع ملك طليطلة معاهدة