/ صفحه 253/
كيف يستعيد المسلمون وحدتهم وتناصرهم
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الجليل الشيخ محمد عرفه
عضو جماعة كبار العلماء
ـ 4 ـ
ذكرنا في العدد الماضي أن الأخوة الإسلامية لعبت دوراً عظيما في تاريخ المسلمين، وقد لعبت هذا الدور وجوداً وعدما، فحين كانت قوية ونامية أثرت اتحاد المسلمين وتناصرهم، فكانوا كتلة واحدة يردون عدوان أعدائهم، ويحتفظون ببلادهم وكيانهم، وحين كانت ضعيفة هزيلة أثرت تفكك المسلمين وتخاذلهم، فأخذهم أعداؤهم أفراداً، وتغلبوا عليهم أشلاء، واقتطعوا بلادهم قطعة قطعة.
وقد جعلنا الأندلس مثلا للحالتين، ولكننا أجملنا القول إجمالا، ولم نذكر الأشخاص والوقائع، وقد رأينا أننا لو فصلنا القول بعض التفصيل، وذكرنا الوقائع وأسماء الأشخاص كان ذلك أبلغ في القول، وأجدى في العظة، وأعون على أن يفهم المسلمون موقفهم، وأن يكونوا بصراء بأمسهم ويومهم وغدهم.
افتتح المسلمون الأندلس فبدءوا أقوياء، وقامت لهم بها دولة ذات حضارة ومنعة ظلت بضعة قرون.
ولما سقطت هذه الدولة القوية انقسمت الأندلس إلى دويلات صغيرة حتى كان لكل بلدة أو عدة بلاد أميرها المستقل، متخذا لقب الملك أو الأمير، فكان بنو عباد أمراء إشبيلية وما جاورها، وكان الأدارسة أو بنو حمود في جنوب