/ صفحه 252/
ويرد كيد أعدائهم، والآن يجتمع المسلمون في الحج؛ لا ليتعارفوا؛ بل لتتبين مظاهر تفرقهم.
إنها مبكيات محزنات أن يجتمع المسلم الباكستاني بالمسلم المصري فلا يستطيعان التفاهم إلا باللغة الانجليزية، وهي لغة أمة قال رئيس وزرائها في آخر القرن الماضي إنه لا سلام لانجلترا وفي العالم القرآن يقرأ، ويتلوه الملايين.
وأحيانا يكون التفاهم بين المسلمين باللغة الفرنسية التي هي لغة قوم يعملون الان على إبادة المسلمين في الجزائر، كما حاولوا من قبل إبادتهم في مراكش، ولكن رد الله كيدهم في نحرهم، فأرادوا أن يتفرغوا للجزائر، حتى إذا أبادوها منوا بمراكش أو تونس؛ ولا منجاة إلا بأمر من الله، وتوحيد شئون المسلمين، ولكن سنة الله في خلقه أنه سبحانه لا يغير حال الأقوام إلا إذا غيروا نفوسهم من ذلة إلى عزة، ومن ضلال إلى طلب للحق، ومن خنوع للأقوياء الضالمين إلى مقاومة للطغاة العابثين، فلقد قال تعالى: " إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا مرد له، وما لهم من دونه من وال ".
10 ـ لقد وصفنا الداء، وإن أول طرائق العلاج هو معرفة المرض، فإنه إذا عرف المرض سهل وضع الدواء، وإن الداء الذي اعترى المسلمين ففرق جماعتهم، وجعلهم نهزة المفترصين، ومطمع الطامعين، ومرام المعتدين، هو أنهم تركوا سنة السلف، وفرقوا الجماعة، وكانت أسباب التفريق هي ذلك الداء، فأسباب الاجتماع هي الدواء، وإن هذه الأمة لا يصلح آخرها إلا بما صلح به أولها، وإن أولها كان جمعاً متحداً في ثقافة واحدة، وفي لغة واحدة، وفي اقتصاديات واحدة، وفي جهاد واحد، فلا يسلم المسلم أخاه المسلم، وإنه إذا كانت أسباب الفرقة بينه معلمة، فأسباب الانفاق لائحة ظاهرة، وما علينا إلا أن نعمل على إيجاد الوحدة بعد الافتراق، واتخاذ الأسباب التي سلكها السابقون بإحسان " وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ".