/ صفحه 251/
الان الفتى العربي فيكون غريب اللسان لا يجد من يخاطبه إلا بعض القلة النادرة من العلماء.
من هذا الوقت الذي حييت فيه اللغات القديمة واندثرت اللغة العربية تفرق المسلمون سددا بددا، لا جامعة تجمعهم ولا رابطة تربطهم، وأخذت ذئاب الإنسانية تلتقمهم قطعة بعد قطعة.
8 ـ هذه حال المسلمين في هذه الأيام، مع أن العبادات الإسلامية تشير إليهم بضرورة الاجتماع، ويمنع هذا الاختلاف، ألا نذهب جميعاً إلى قبلة واحدة، فهل يشعر المسلم في صلاته التي يسبح فيها حين يصبح وحين يمسي، وفي الغداة وفي العشى، وحين يظهر، أنه يتجه صوب المكان الذي يتجه إليه في هذا الأوقات ذاتها مئات الملايين من المسلمين المنبثين في بقاع الأرض، وهل يشعر أن الاجتماع الديني الذين يجمعهم على غير رؤية في عبادة الله تعالى مالك الأرض وما عليها، والسموات وما فيهن، يرمز إلى الوحدة الجامعة، ويومئ إلى وحدة أهل الإسلام كما وجدت العبادة، إن هذا تذكير يومي في كل يوم خمس مرات على الأقل، يذكر المسلم بأنه جزء من كل، وأنه لابد أن تتلاقى الأجزاء في الحس، كما هي متلاقية في المعنى، ولكن العبادات فقدت معناها الاجتماعي في نفوس المسلمين، كما فقدت معناها الروحي في نفوس الأكثرين، ولا حول ولا قوة إلا بالله رب العالمين.
9 ـ وهذا الحج الذي أمر الله بالنداء إليه ليحضر الناس إلى بيته الحرام في ضيافته سبحانه، إذ قال: " وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق " قد فقد معناه أيضا، فهو في أصل شرعته اجتماع المسلمين من كل بقاع المعمورة في أرض الله المقدسة وحرمه الآمن إلى يوم القيامة، وبيته الحرام الذي هو أول بيت وضع للناس، وفي هذا الاجتماع يتذاكرون أمور المسلمين، ويتدبرون أحوالهم المعيشية والاجتماعية والاقتصادية، ويتفاهمون فيه على كل أمر يصون وحدتهم، ويقوى جماعتهم، ويرفع شأنهم،