/ صفحه 20/
((قل أيُّ شيء أكبر شهادة؟ قل الله شهيدٌ بيني وبينكم، وأوحى إلىّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ، أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة اُخرى؟ قل لا أشهد، قل إنما هو إله واحد)). ((قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله)). ((قل أرأيتم إن أخذالله سمعكم وأبصاركم)) ((قل لا أقول لكم عندى خزائن الله)). ((قل إنى نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله، قل لا أتبع أهواءكم، قد ضللت إذن وما أنا من المهتدين، قل إني على بينة من ربي وكذبتم به ما عندي ما تستعجلون به إن الحكم إلا لله يقص الحقّ وهو خيرالفاصلين، قل لو أن عندي ما تستعجلون به لقضى الأمر بيني وبينكم)) إلى غير ذلك من الآيات المنذرة الملقية بالقول تلوَ القول في وجوههم، والمفضية إليهم بالحقائق والعواقب إرهاباً لهم، وتخويفاً لكل من سار على خطتهم، ذلك بأنهم ليسوا أهل حِجاج واقناع بالمنطق، وإنما هم أهل عناد وإصرار، واستهزاء واستكبار.
فهذا هو السر في إجمال الحجة، والاكتفاء بتقريرها موجزة مركزة كما بينا، مع توجيه الأسلوب على هذا النحو التلقيني الإنذاري الرهيب.
سورة الأنعام وبيان الحقيقة في شأن الرسول:
وننتقل بعد هذا إلى جانب آخر من الجوانب التي عرضت لها سورة ((الأنعام)) مما يتصل بالوحي والرسالة، فنقول.
كما وجد في الناس من ينكر الوحي والرسالة ويرى أن البشر ليسوا مستعدين لتلقى كلام الله; وجد فيهم أيضا من يسرف في تضخيم شخصية النبي ووظيفة الرسول حتى ليكاد ينسى أنه بشر، فتراهم ينسبون إليه علم الغيب، وتراهم يعجبون لأكله الطعام ومشيه في الأسواق، وتراهم يتطلبون فيه أن يكون غنيا عنده من الخزائن ما لا ينفد، وأحياناً يطلبون منه الإتيان بالمعجزات، ولعلهم أيضاً لا يتصورون فيه أن يغضب أو يمرض أو يحزن أو يهزم في الحرب، أو يُردّ عن أمل من آماله الى غيرذلك من العوارض البشرية.