/ صفحه 183/
لهم شهادة أبداً: " وأولئك هم الفاسقون " والاستثناء يعود إلى الكل إلا أن الدليل على أن التوبة لا تسقط حقوق العباد، وبقي بعد ذلك الجملتان الثانية والثالثة، فمن تاب وأصلح قبلت شهادته، ولم يعتبر فاسقاً.
والذين يعيدون الاستثناء إلى الأخيرة فقط يقولون: لا تقبل شهادة القاذف بالتوبة ولكن لا يعد فاسقاً بعد توبته، ويؤيدون ذلك بمعنى عقلي هو أن رد الشهادة من تمام الحد والعقوبة فإن الله جعل على القاذف نوعين من العقوبة: عقوبة بدنية هي الجلد، وعقوبة أدبية هي الحرمان من مركز الشهادة، فكما أن التوبة لا ترفع الجلد لأنه حق من حقوق العباد؛ كذلك لا ترفع العقوبة الأدبية التي هي رد الشهادة لهذه العلة نفسها.
فالمبدأ في هذا الخلاف يرجع إلى القاعدة التي ارتضاها كل من الفريقين، ولكل منهما دليله على ما ارتضى في علم أصول الفقه، ثم آزر الحنفية ما رأوا بالمعنى الذي ذكرناه، كما آزر الفريق الآخر رأيهم بأن رفع الفسق بالتوبة يناسبه قبول الشهادة، وليس مما يتناسب أن يرفع الفسق ويبقى رد الشهادة.
2 ـ ومن ذلك أيضا اختلافهم في مسألة الزيادة على النص هل تعد نسخا اولا، وستأتي أمثلة لذلك تغنينا عن التمثيل.
* * *
د ـ وفي جانب القواعد الفقهية: من أمثلة ذلك.
1 ـ ما ذكره الإمام ابو زيد الدبوسي في كتابه " تأسيس النظر " (1) حيث يقول: " الأصل عندنا ـ أي الحنفية ـ ان المضمونات تملك بالضمان السابق ويستند الملك فيها إلى وقت وجوب الضمان إذا كان المملوك مما يجب تملكه بالتراضي، وعند الإمام القرشي أبي عبد الله الشافعي: " المضمونات لا تملك بالضمان وعلى هذا مسائل:

ــــــــــ
(1) ص 56 طبع المطبعة الادبية بمصر.