/ صفحه 174/
تجعلها أساساً لأحكامها، وذلك مثل: " لا ضرر ولا ضرار ". " ما جعل عليكم في الدين من حرج ". " الحدود تدرأ بالشبهات ". " لا يعبد الله إلا بما شرع " " المعاملات طلق حتى يثبت المنع " ونحو ذلك.
النوع الثاني:
أحكام أو نظريات لم تجئ على هذا النحو الواضح القاطع في وروده ومعناه، ولكنها جاءت أو جاء ما يدل عليها أو يشير اليها، على نحو صالح لأن تختلف فيه الأفهام، وتتعدد وجهات النظر، اما لأمر يتعلق بأصل الورود، أو بالدلالة والإفادة.
وهذا النوع هو الذي جعلته الشريعة موضع اجتهاد المجتهدين، وجعلت منه مجالا للنظر والتفكير والموازنة والترجيح والاستقراء والتتبع وتقدير المصلحة والعرف وتغير الحال، إلى غير ذلك من وجوه النظر، وأسباب الاختلاف.
ومن هذا القبيل:
أ ـ في جانب المعارف الكلامية: ما كان من اختلاف النظر في شأن القضاء والقدر، وفي تأويل ما ورد من إثبات الوجه واليد والعين ونحو ذلك لله تعالى على معنى يليق بالتنزيه، أو التفويض بإبقائها على ما وردت عليه بدون تأويل مع اعتقاد أنه تعالى " ليس كمثله شئ "، وفي إمكان رؤية المؤمنين لله أو عدم إمكانها، وفي وجوب التوقف عن الخوض فيما شجر بين الصحابة من خلاف أفضى إلى التنازع والحرب أو إباحة ذلك لمن شاء، إلى غير ذلك.
ب ـ وفي جانب الأحكام الفقهية: اختلاف الفقهاء في مقدار الرضاع المحرم لقيام علاقة زوجية، وفي حكم القصاص في القتل بالإكراه، وفي صحة النكاح ونفاذه ولزومه إذا باشرت المراة العقد دون وليها، وفي القضاء بشاهد ويمين من جانب المدعي، وفي القضاء بالقرائن، وغير ذلك من المسائل الخلافية الفقهية.
ج ـ وفي جانب القواعد الأصولية أو الفقهية التي تفرع عليها الأحكام: اختلاف النظر في أن القرآن ينسخ أو لا ينسخ، وبم ينسخ، وفي العمل بالقياس،