/ صفحه 170/
ابن علقة المرى ابنته الجرباء على ما به من شظف العيش، فأطرق مليا، ثم قال له: يا أمير المؤمنين جنبي هجناءك، فضحك عبد الملك " (1).
ولقد حدثت مهاترات بين بعض النابهين من الهجناء وبعض الصرحاء تراها مبسوطة في كتب الأدب وطالت الألسنة في هذه الناحية، قال المبرد: وأنشدني الرياشي:
إن أولاد السراري كثروا يارب فينا
رب أدخلني بلاداً لا أرى فيها هجينا
كان هذا فاشياً إلى أن ولدت بنات يزد جرد من لهم في الإسلام قدم صدق ممن يعتز بهم المسلمون (بنو الخالات المرموقون بالتبجيل والتعظيم) فخفت صوت هذه النعرة القديمة المستمرة، حتى قال سيدنا علي رضي الله عنه: (ليس قوم أكيس من أولاد السراري، لأنهم يجمعون عز العرب ودهاء العجم) وأقبل كثير من سراة المسلمين على التسرى، وأمحت من النفوس تلك العادة البالية، وهاك طريفة يلتمس منها جمال التأسي.
طريفة:
قال المبرد في الكامل: " ويروى عن رجل من قريش لم يسم لنا، قال: كنت أجالس سعيد بن المسيب، فقال لي يوما: من أخوالك؟ فقلت أمي فتاة، فكأني نقصت في عينه، فأمهلت حتى دخل عليه سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب رحمه الله، فلما خرج من عنده قلت يا عم من هذا؟ فقال: يا سبحان الله، أتجهل مثل هذا من قومك؟ هذا سالم بن عبد الله بن عمر، قلت: فمن أمه؟ قال: فتاة، قال: ثم أتاه القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رحمه الله فجلس عنده ثم نهض، فقلت: يا عم من هذا؟ فقال: أتجهل من أهلك مثله، ما أعجب هذا، هذا القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، فقلت: فمن أمه؟ قال: فتاة، فأمهلت شيئا حتى جاء علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسلم عليه ثم نهض، فقلت:

ــــــــــ
(1) راجع الأغاني ـ ج11 ص 82 ساعتي، والعقد الفريد ج 3 ص 405 طبع لجنة التاليف.