/ صفحه 169/
بنات يزدجرد:
قال ابن خلكان: " وذكر ابو القاسم الزمخشري في كتاب (ربيع الأبرار) أن الصحابة رضي الله عنهم لما أتوا المدينة بسبي فارس في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان فيهم ثلاث بنات ليزد جرد، فباعوا السبايا، وأمر عمر ببيع بنات يزد جرد أيضا، فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إن بنات الملوك لا يعاملن معاملة غيرهن من بنات السوقة، فقال: كيف الطريق إلى العمل معهن؟ قال يقومن، ومهما بلغ ثمنهن قام به من يختارهن، فقومن، فأخذهن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فدفع واحدة لعبد الله بن عمر، وأخرى لولده الحسين، وأخرى لمحمد بن أبي بكر الصديق، فأولد عبد الله أمته ولده سالما، وأولد الحسين زيد العابدين، وأولد محمد ولده القاسم، فهؤلاء الثلاثة بنو خالة، وأمهاتهم بنات يزدجرد "(1).
تأثيرهن في التخفيف من العرف الجاري:
كان حكم العرف الجاري في الجاهلية وصدر الإسلام والدولة الأموية يقضي بوضع ابن الأمة بعد ابن الحرة، فكان الهجين يستخذي من أمومته، وقد حماها ودافع عنها ببأسه ومنصله قديماً عنترة إذ يقول:
وأنا امرؤ من خير عبس منصبا شطري وأحمي سائري بالمتصل (2)
ومن النوادر الفكهة: أن الخليفة عبد الملك خطب لبعض بنيه من عقيل

ــــــــــ
(1) وفيات الاعيان (ترجمة علي زين العابدين) وتقل هذا أيضا في رغبة الآمل على الكامل ج 5 ص 49.
(2) شطري مبتدأ والخبر في المجرور قبله، والمراد به أبوه، والشطر الثاني أمه ينوب عن كرمها حمايتي بالسيف، فأنا خير في قومي ممن عمه وخاله منهم وهو لا يغني غنائي. ويعرض في ذلك بقيس بن زهير عند ما فر من تميم ووقف عنترة فقال قيس: والله ما حمى الناس إلا ابن السوداء، والبيت من قصيدة في الديوان أول قافية اللام.