/ صفحه 168/
مشردا طريدا أمام الجيوش الإسلامية، فقد فتحت بلاده ومدنه بلدا بلدا ومدينة مدينة في خلافة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهما، وانتهى بهلاكه ملك آل ساسان، قال شهاب الدين النويري: " وهو آخر الملوك الساسانية وعليه انقرضت دولتهم، فلم تقم لهم قائمة، وتردد إلى بلاد خراسان والى بلاد الترك، وعاد فقتل بمرو من بلاد خراسان في سنة احدى وثلاثين من الهجرة لسبع سنين خلت من خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه " (1).
الله أكبر، وما النصر إلا من عند الله، تقهر الدولة الإسلامية الناشئة الفتية كسرى الفرس، وتستحوذ على أملاكهم الواسعة الأطراف، التليدة في حضارتها وقوة بأسها، والفرس إحدى الدولتين المتقاسمتين العالم آنذاك، مع كثرة اعتدائها على الروم، وطمعها في القضاء عليها، ولا ينسى التاريخ الإسلامي جبروت كسرى أبرويز واستهانته بكتاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
فان من كاتبهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من الملوك والقياصره في هدنة الحديبية المعروفة أحسنوا جميعاً الرد عدا هذا المجرم الأثيم، فإنه مزق الكتاب استكباراً وعتوا، وأرسل لعامله باليمن أن يوجه للرسول من يأتي به اليه، ولما بلغ ذلك المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) قال " مزق الله ملكه كل ممزق " وقد كان ذلك فعاجله الله بقيام انه شيرويه عليه بمؤازرة الفرس وقتلوه.
تمضي الايام سراعا وتنقلب الأوضاع ويقتل المسلمون كسراهم الاخير، ويتملكون إيوانهم، ويلون أمور شعوبهم، ويغنمون منهم ما لا يظنون، وما لا عهد لهم به من أثاث ومال وتيجان وآثر عادية، ويأسرون منهم بعد أن أثخنوا في الأرض، ومرجع هذا الظفر الأبدي إلى اعتصام المسلمين بحبل الله المتين " إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ".
تأمل أيها القارئ بعين الاعتبار، فقد كان من الأسارى بنات يزد جرد العنيد، عومان في المدينة المنورة معاملة كريمة خاصة، أوحى بها الروح الإسلامي، لأن الإسلامي دين الرحمة والاحسان واللطف والحنان.
ــــــــــ
(1) نهاية الأدب ج 15 ص 233 طبع الدار.