/ صفحه 134/
7- ومن النماذج الرائعة فى تكافل المجتمع الصغير والنهوض به: ما قرره الفقهاء بالاجماع من أن الزكوات والصدقات كلها لا تنتقل من بلد الى بلد ما دام فى البلد الذى وجبت فيه الزكاة فقير، وذلك عملا بقوله صلى الله عليه وسلم: ((خذها من أغنيائهم وردها على فقرائهم)) ولقد قال فى ذلك الامام أبو يوسف: ويقسم سهم الفقراء والمساكين من صدقة ما حول كل مدينة فى أهلها، ولا يخرج منها فلا يتصدق بها على أهل مدينة أخرى)).
وان هذه صورة حية قائمة لعمل الشارع الإسلامي على النهوض بالمجتمعات الصغيرة من ناحية التكافل الاجتماعى، ومعالجة الفقر وتخفيف ويلاته، وان الفقر هو الداء الاول الذى تتربى فيه كل الادواء، ولا يمكن أن يتحقق رقى لمجتمع صغير أو كبير الا اذا عولجت مشكلة الفقر، ولا يمكن النهوض الثقافى أو الصحى أو الاجتماعى من غير معالجة مشكلة الفقر.
فاذا كان الاسلام قد أوجب صرف زكاة البلد فيه، فقد وضع الاساس للنهوض بالمجتمع الصغير.
8- وان فقهاء المسلمين يتجهون الى وجوب التعاون بين أهل القرية أو المدينة الواحدة، حتى انه يجب عليهم اذا كانت أموال الزكاة لا تكفى لسد حاجة الفقراء أن يعملوا على سد الحاجة، ويجبرهم ولى الامر على ذلك ان لم يقوموا به. ولقد جاء فى المحلى لابن حزم: ((ان الله فرض الله على الاغنياء من أهل كل بلد أن يقوموا بفقرائهم، ويجبرهم السلطان على ذلك ان لم تقم الزكوات، ولا الفىء، ولا سائر أموال بيت مال المسلمين بهم، فيقام لهم بما يأكلون من القوت الذى لابد منه ومن اللباس فى الشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يكنهم من المطر والشمس وعيون المارة)).
وان هذا النص الذى يتفق مع منطق الفقه الإسلامي كله قاطع فى مقدار عناية الاسلام بالنهوض بالمجتمع الصغير.
9- وان المسلمين عند الفتح الإسلامي، وضعوا نظام الخراج على أساس