/ صفحه 135/
سليم بين أهل القرية بعضها مع بعض، وبين القرى فى علاقاتها بعضها ببعض فى مجموعها، وقد ذكر لنا ابن عبدالحكم فى تاريخه صورة للقرية المصرية بمقتضى النظام الذى وضعه عمرو بن العاص، فقال:
((يجتمع عرفاء كل قرية، ورؤساء أهلها فيتناظرون فى العمارة والخراب، ثم يجتمعون هم ورؤساء القرى، فيضعون الخراج على احتمال القرية وسعة المزارع ثم ترجع كل قرية بقسمها، وما فيها من الارض العامرة فيبذرون فيها، ويخرجون من الارض فدادين لكنائسهم وحماماتهم من جملة الارض، ثم يخرج منها عدد للضيافة للمسلمين، ونزول السلطان، فاذا فرغوا نظروا الى ما فى كل قرية من الصناع والاجراء، فقسموا عليهم بقدر احتمالهم... ثم ينظرون فيما بقى فيقسمونه بينهم على عدد الارض، ثم يقسمون ذلك بين من يريد الزرع على حسب طاقتهم، فان عجز أحد أو شكا ضعفه عن زرع أرضه، وزعوا ما عجز عنه، وان كان منهم من يريد الزيادة أعطى ما عجز عنه أهل الضعف، فان تشاحوا قسم ذلك على عدتهم))(1).
10- هذا مجتمع القرية كما وضعه عمرو بن العاص على النظام الإسلامي، ونرى فيه التعاون الصادق والعمل على انتاج أكبر قدر ممكن، والتوزيع بالعدل وعلى قدر العمل، ويبدو من ذلك التوزيع ما يأتى:
(الف) أن القرية كلها تتعاون فى القيام على شئون معابدها، فيخصص قدر من الاطيان لخدمة المعابد، والقيام بشعائرها، وهذا القدر يؤخذ من أرض القرية كلها، لا من حصة بعضها.
(ب) أن القرية كلها تتعاون أيضاً فى الضيافة ونزول المسلمين وذوى الامر و ذلك بتخصيص جزء من الفدادين لذلك.
(ح) أنهم يقسمون الارض على العاملين كل على قدر احتماله وعمله، على أن يكون فيها ما خصص للمعابد والضيافة، ولكن لا يقسم ما تنتجه الارض كله، انما يقسم الصافى بعد الضيافة ونفقات المعابد والخراج.