/ صفحه 130/
2- وان الاسلام قد عنى بالمجتمعات الصغيرة أبلغ عناية، فعنى بالاسرة كما نوهنا من قبل، وقد بين ذلك القرآن ببيان تفصيلى كما أشرنا.
ثم انتقلت عناية الاسلام من الاسرة الى القبيلة، وهى فى حقيقتها ومعناها أوسع مدلولات الاسرة شمولا، فجعلها مترابطة الاجزاء أمر لابد منه فى الاسلام، وذلك بأن يحمى قويها ضعيفها فى غير عصبية جاهلية، ولا تعاون على الاثم والعدوان.
ولقد انتقلت عناية الاسلام من القبيلة الى القرية، وان شئت فقل ان القرية مجتمع صغير فى السواد يقابل القبيلة فى البادية بيد أن القرية يقوم الاتصال فيها على الجوار والبيئة الواحدة، والقبيلة يقوم الاتصال فيها على النسب واتحاد الارومة، وقد يتلاقيان، فتكون القرية من القبيلة، أو تحتاز القبيلة مكاناً خصيباً تبنى فيه وتحل فتكون القبيلة هى القرية.
ونظام القرية على العموم يكون فى البلاد الزراعية كريف مصر، فان الاهلين المنبثين فى ذلك الجناب الخصيب فى القرى لايجمع بينهم نسب جامع فى كثير من الاحوال، انما تجمعهم القرية ومصالحها المشتركة، وجوارهم الطاهر العف النزيه، و انه اذا صلحت القرية صلح الاقليم.
3- وان كل اصلاح اجتماعى فى الاسلام أساسه الاخوة والتعاون على الخير و الفضيلة، وقد دعا القرآن الكريم الى التعاون، فقال سبحانه:((و تعاونوا على البر و التقوى ولا تعاونوا على الاثم والعداون)) فالتعاون والاخاء هما الاساس لكل اصلاح اجتماعى فى المجتمع الصغير، وقد ذكرنا فى صدر بحثنا فى مقال سابق أن التعاون والاخاء هو العلاقة الرابطة بين آحاد كل مجتمع، والا كان التدابر والتنابذ ووراء ذلك الفساد، ولا يمكن مع الاخاء والتعاون فساد قط.
4- ولقد ضرب لنا محمد صلى الله على وآله وسلم مثلا فى اصلاح المجتمع الصغير بالتعاون والاخاء، فقد جاء الى يثرب وكانت مدينة متنابذة متنازعة، مع أنها فى مجموعها لا تزيد فى سكانها عن قرية كبيرة من قرى مصر، كانت ثلاث