/ صفحه 129/
المجتمع القرآنى
المجتمع الصغير
لحضرة صاحب الفضيلة الاستاذ الجليل الشيخ محمد أبو زهرة
وكيل كلية الحقوق بجامعة القاهرة
1- قررنا فى مقالين سابقين أن الاسلام جاء لانشاء مدينة فاضلة، تقيم الفضيلة بين آحادها، وترتبط مع غيرها بقانون الاخلاق، فالفضائل فى الاسلام ليس لها موطن، ولا يحدها اقليم، ولا يحاجز دونها حصون.
وان الدولة الفاضلة يجب أن يكون بناؤها فاضلا فى كل أجزائه وعناصره، فان الكل يتكون من الجزء، ولا يمكن أن يكون الكل فاضلا الا اذا كانت أجزاؤه و عناصره فاضلة.
ولذلك اتجه الاسلام الى اصلاح المجتمع الصغير، ليبنى منه المجتمع الكبير، و المجتمع الكبير انما يقوى بقوة الاتصال بين عناصره كالصرح المشيد المرتفع الى عنان السماء لايمكن أن يرتفع ويشمخ الا اذا كان الرباط الذى يربط بين أجزائه وثيقاً محكماً، والدعائم التى يقوم عليها قوية الاركان، وثيقة البنيان، وذلك كله لا يكون الا اذا تكونت المجتمعات الصغيرة التى تدخل فى بناء المجتمع الكبير على أسس فاضلة.