/ صفحه 119/
ولا ريب أن كل ما تضمنه القرآن في آياته المفصلة، وأحكامه الواضحة، و قصصه الحق يدور على محور من بيان الحق والارشاد الى الخير، لافرق في ذلك بين مكية ومدنية ((يأيها الناس قد جاءكم الرسول بالحق من ربكم، فآمنوا خيراً لكم و ان تكفروا فان لله ما في السموات والارض وكان الله عليماً حكيماً)).
((الحق من ربك فلا تكونن من الممترين)). ((و بالحق أنزلناه وبالحق نزل، وما أرسلناك الا مبشراً ونذيراً)).
وهكذا نجد كثيراً من آيات القرآن الواضحة في مكية ومدنيه، تعلن أن الامر في شرائعه وأحكامه يدور حول هذا المحور، محور ((الحق والخير)).
هذا هو وضع سورة الفاتحة من القرآن كله.
* * *
السور المدنية السابقة على ((الانعام)) متفقة
في الهدف الاصلى مع اختلاف في التفاصيل:
أما السور الاربع المدنية التالية لسورة الفاتحة، وهى سور: البقرة، آل عمران، النساء، المائدة; فهي بحكم مدنيتها تشترك كلها في هدف واحد، وهو تنظيم شئون المسلمين بالتشريع لهم باعتبارهم أمة مستقلة وبارشادهم الى مناقشة أهل جوارهم فيما يتصل بالعقيدة والاحكام، والى الاساس الذي يرجعون اليه و يحكمونه في التعامل معهم في حالتي السلم والحرب، وقلما تعرض هذه السور المدنية الى شىء من شئون الشرك ومناقشة المشركين، وهذه السور مع اشتراكها في أصل الهدف العام، تختلف قلة وكثرة فيما تتناوله من التشريع الداخلى الخاص بالمسلمين، والتشريع الخارجى الذي يرتبط بهم مع من يخالفهم في الدين.
* * *
سورة البقرة في أسلوبها وأهدافها:
ومن ذلك نرى سورة البقرة بدأت فذكرت أوصاف الذين ينتفعون بهذا الكتاب ويتتسبون اليه ويضاف هو اليهم، ثم عرضت لاوصاف الجاحدين